القرآن ونظرية التطور
(الجزء الأخير – الثامن من ثمانية أجزاء)
هذا المقال مقتبس من كتاب : الفهم المعاصر لدلالات الآيات القرآنية في خلق الإنسان وفي خلق الكون. ولا يُغنى عن المفصّل في الكتاب.
{وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (98)} الأنعام
{خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ(6)} الزمر
{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا(1)} النساء
{مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ(28)} لقمان
في هذه الآيات يشير النص أن الله تعالى خلق الناس جميعًا من نفس واحدة، ثم جعل منها زوجها، ولا يوجد في الآيات القرآنية التي تسرد قصة آدم وزوجه، ما يدل على أن زوجة آدم قد خلقت من ضلعه، أو خلقت منه، وقول الله تعالى للملائكة اني خالق بشرًا من طين، ثم إخباره تعالى الملائكة أنه جاعل في الأرض خليفة، وما تلاه من تعليمه الأسماء وسجود الملائكة له، لم يأت في أي منها ذكر خلق زوجة آدم. أما قصة خلقها من ضلع آدم فهذه رواية توراتية، لم يذكرها القرآن بتاتًا، ولم يأت ذكر زوجة آدم إلا بعد انتهاء هذه الأحداث، إذ كان أول ذكر لها في قوله تعالى: {وَيَا ءَادَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ(19)} الأعراف، وقوله تعالى : {وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} (35) البقرة، وهنا نجد ظهور زوجة آدم كان دون مقدمات، وهذا ما نتوقعه لو كانت زوجة آدم موجودة ولم تخلق آنذاك من ضلعه أو من الطين. ولو كانت خلقت من ضلع آدم أو خلقت خلقًا إعجازيا آخر لأشار النص الى هذا الخلق، وحيث أن النص لم يشر الى خلق زوجة آدم، لا بد أن زوجة آدم كان خلقها مثل خلق بقية الناس.
ونود هنا أن نضيف أن النص القرآني –خلافا للقصص الشائعة- لم يحمّل زوجة آدم مسؤولية العصيان والخطيئة الأولى كما ورد في الروايات عند اليهود والنصاري، وأنما أشار إلى أنهما أكلا من الشجرة معاً، بل وفي الآيات من سورة طه، هناك بيان واضح أن آدم هو من حُذر من الشيطان وهو من وسوس إليه الشيطان. ولا وجود في القرآن لحية وحواء تأكل من التفاحة المحرمة ثم تطعم آدم، فيقع في الخطيئة الأولى بسبب المرأة زوجته.
أنظر قوله سبحانه وتعالى (والكلام هنا موجه الى آدم): { فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ (117) إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ (119) فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَىٰ (120) فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ۚ وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ (121) } سورة طه
بالرغم من قولنا أن قصة خلق زوجة آدم من ضلعه لم ترد في القرآن، إلا أن الآيات التي نحن بصددها هنا تشير الى خلق نفس واحدة ثم خلق زوجها منها، وقد تكون هذه النفس الواحدة هي آدم وعليه فتكون زوجته قد خلقت منه، وبهذا يمكننا أن نعيد كل هذه الآيات المشيرة الى خلق أو جعل زوجة من النفس الواحدة الى آدم وزوجه، وهذا ما ذهب اليه المفسرون، ويصح هذا التفسير المرحلي في المراحل السابقة، وبفرض أن آدم خلق مباشرة من التراب، فتكون زوجته قد خلقت منه، ولم تخلق مثله مباشرة من التراب. إلا أن النص القرآني لم يذكر هذا الخلق الإعجازي في قصة آدم من خلقه الى خروجه من الجنة، والذي كان يستدعي الوقوف عنده لو كان هذا الخلق الإعجازي هو ما حدث.
أما إذا لم يكن آدم قد خلق مباشرة من التراب، وانه ظهر عبر سلالات تطورية، من أصل الخلية الواحدة الأولى، فلا بد أن زوجه أيضًا كانت من نتاج هذه السلالات التي تعود الى نفس هذه الخلية الواحدة، فاذا كان الأمر كذلك، فلن تعود هذه الآيات على آدم، وأنما ستعود الى أول خلية حية ظهرت على هذا الكوكب، ثم انقسمت الى خليتين، حيث كان التكاثر في المرحلة الأولى بطريق الإنقسام، كما هو حال البكتيريا اليوم، وعندما انقسمت الخلية الأولى الى خليتين، خلق منها زوجها، والزوج في أصل اللغة مطابق للأصل، وهذا بالضبط ما حدث للخلية الأولى، أما الإشارة الى {…خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ….} النساء، فيمكن القول أن ما بين النفس الواحدة وزوجها حتى كثرة الرجال والنساء سلالات كثيرة وزمانا طويلا يقدر ببلايين السنين، كما هو طول الزمان في قوله : {وَمِنْ ءَايَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ(20)} الروم .
والذي يدعونا الى ترجيح هذا المعنى هو ما أشارت إليه الآيات الي درسناها سابقًا، وأن آدم كان قبله ناس على الأرض، أضافة أن الإشارة الى آدم وردت في القرآن بلفظي بشر وآدم، بينما لفظ ”نفس“ يستخدم للتعبير عن أي ذات حية، والجسد، وعين الشيء أي كنهه وجوهره، والروح {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ(27)ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} (28) الفجر، وليس ما يمنع أن يشير اللفظ ”نفس واحدة“ الى آدم البشر، أو أن يشير الى أول كائن حي يمكن أن يخلق منه زوجه، ويكون هذا في أول خلية حية خلقت ثم انقسمت فكان منها زوجها، وهذا يعود الى أول خلية بسيطة حية. في قوله تعالى {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ} يخبرنا الله أن خلقنا وخلق كل الأنواع من حيوانات وطيور وأسماك ونباتات بدءًا من خلية حية واحدة، أنقسمت فخلق منها زوجها، ثم تطورت عبر بلايين السنين الى أن بلغت كل أنواع الحياة التي نعرفها.
{وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ(98)} الأنعام
كل مخلوق حي يبدأ من خلية واحدة وفي حالة الإنسان تكون هذه الخلية هي البويضة المخصبة، والتي تنقسم على نفسها، أي منها يخلق زوجها، وتتوالى الإنقسامات، ليبدأ بعدها الإنقسامات المتخصصة التي تكون الأعضاء والأجهزة المختلفة في الجسم الحي.
وفيما عدا أول خلية حية، فان أي خلية يجب أن توجد عن ومن خلية أخرى، وكل خلية تأخذ معها من الأولى، نسختين عن شفرة الجينات تقبعان في نواتها، وتتكون الشفرة الجينية للحمض النووي (دي ان ايه) من ثلاثة بلايين وحدة توجد فى كل من خلايا الجسم البشري التى يبلغ عددها 100 تريليون خلية ( التريليون يساوى الف بليون ) ويتألف الحمض ( دي ان ايه ) من سلسلة من مركبات الفوسفات والسكر الخماسي على التعاقب من اربع قواعد نيرتوجينية فى صورة تباديل وتوافيق هى الادنين والسيتوزين والجوانين والثايمين وتحمل هذه الوحدات الاربع الاساسية فى الشفرة الجينية وفي الجزء الصغير منها الذي تم فك شفرته، الارشادات الكاملة اللازمة لتكوين الكائن الحي .
ويوجد فى الجسم 20 حمضا امينيا مختلفا تعتبر بمثابة اللبنات الاساسية لبناء جسم الانسان وهى تستخدم فى سلسلة من التكوينات لانتاج مختلف البروتينات من الكيراتين الموجود فى الشعر الى الهيموجلوبين الموجد فى الدم .
لا توجد وظيفة معروفة للغالبية العظمي لنحو 97 % من مجموعة الشيفرات الوراثية للانسان، ويعتقد العلماء أنه لا وظيفة لها، إلا أنه لو تبين غير ذلك، فان هذا الجزء الكبير قد يشتمل على معلومات قد تكون ذات أهمية كبيرة.
ولا يختلف الحمض النووي من انسان الى آخر الا بنسبة لا تتجاوز 0,2 فى المائة (واحد فى كل 500 وحدة) وهو ما يأخذ فى الاعتبار ان الخلايا البشرية تحمل نسختين من الشيفرات الانسانية. ويماثل الحمض النووي البشري الحمض النووي للشمبانزي بنسبة 98 % ويقدر عدد الجينات فى الانسان والفأر بما بين 60 الف و100 الف وفى الدودة الاسطوانية بنحو 19 الف جين وفى فطر الخميرة بنحو ستة الاف جين وفى الميكروب المسبب للدرن بنحو اربعة الاف.
مما سبق فكل مخلوق مركب يبدأ خلقه من خلية واحدة، ويستقر في نواتها الحمض النووي الذي هو بمثابة كتاب مودع فيه كافة معلومات بناء هذا المخلوق وكيفية بناءه، بل أن هذا الكتاب يصبح مصنعًا لإنشاء المخلوق حيث يرسل تعليمات وأوامر بناء الى المواقع المحددة التي يتم فيها بناء كل عضو وجهاز، وفق برنامج زمني محدد. النفس أو الخلية مستقر ومستودع، المستقر هو القرار المكين في نواة الخلية والمحمي بجدار خارجي وآخر داخلي حول المكان الذي تقبع فيه سلسلة الحمض النووي، والمستودع هو المكان الذي تحفظ فيه المعلومات وأوامر البناء. وهذا يكفي لتفسير أننا جميعًا أنشأنا الله سبحانه وتعالى من نفس واحدة هي البويضة المخصبة، والتي انقسمت على نفسها فجعل منها زوجها ثم منهما خلق الكائن.
ولو عدنا الى أول خلية نشأت على الأرض (أو في قاع المحيط)، تكون النفس الواحدة هي أول خلية بسيطة تكونت، ثم انقسمت على نفسها، ثم تطورت إما الى مخلوق ذو خلية وحيدة كالبكتيريا، أو الى مخلوق متعدد الخلايا، تطور وتفرع عنه كافة أنواع الحياة المعقدة التركيب، ويحمل كل موجود حي خلايا تتطورت عبر مراحل كثيرة عن نفس الخلية الأولى، وفي كل من هذه الخلايا توجد نسخ مطابقة عن السلسلة الإهليجية له، تورث نوع بعد نوع، وجيل بعد جيل، وقد تتطور وتتبدل وتتحسن، تحمل في جزء منها كافة المعلومات الموروثة والأوامر اللازمة لتكوين نفس الجسم الحي، ومعلومات تبين تاريخ تطوره، والله أعلم سبحانه يخلق ما يشاء.
{وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ}(12) الزخرف
{وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ(49)} الذاريات
في هاتين الآيتين، نجد أن الآية تشير الى خلق الأزواج كلها، وتتعلق بكل شيء، بما يشمل كل الأنواع الحية التي نعرفها، والتي لا نعرفها، وفي قوله تعالى : {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُون }َ(36) يس ، توحيد لمكونات خلق هذه الأزواج، بما يشتمل أيضًا على الأزواج من النوع الإنساني، والتي وردت في قوله تعالى : {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا …} (11) فاطر، أي أن الأزواج تخلق مما تنبت الأرض ومن النوع نفسه ومن غيرهما، وبناء على نوع الإنسان الذي ذكر عنه أنه خلق من تراب ثم من نطفة ثم جعل أزواجا، يمكن بالقياس استنتاج أن كل الأنواع الحية مرت بنفس المراحل التي مر بها خلق الإنسان والتي سبقت وجود الأزواج، فهل يكون المخلوق من التراب ثم من النطفة هو ذاته الذي تفرعت منه كل الأنواع والأجناس بما فيها النوع الإنساني، ليس في هذه النصوص ما يعارض هذا المعنى.
ونلاحظ أن الأزواج وردت في القرآن للدلالة على ثلاثة أنواع:
الأول في قوله تعالى: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ(49)} الذاريات، و”كل شيء“ يدل على كل شيء في هذا الكون، فيشمل الجماد والحي، النجوم والجبال، الصخور والتراب، وهذا يدلنا أن كل شيء في هذا الكون له مماثل، قد يكون مطابقًا له، أو معكوسا عنه كصورة المرآة، وقد توصل العلم الى ذلك، في موضوع ضد المادة Anti-matter .
والثاني في قوله تعالى : {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ ..(98)} الأنعام، وقوله تعالى {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا….} الزمر، والآيات التي كنا بصددها، وتدل على الزوجية التي نشأت عندما انقسمت أول خلية حية فتكون منها زوجها.
والثالث في قوله تعالى:{وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا(44) وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى(45) مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى(46)}النجم، وقوله تعالى {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى(36)أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى(37)ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى(38) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى(39)}القيامة، وقوله تعالى {فَاطِرُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا …(11)} الشورى. وهذه الآيات تدل على زوجية نوع الإنسان خاصة والأنواع الأخرى عامة من ذكر وأنثى. وهنا يتم خلق الزوجين من نطفة إذا تمنى، وهذا غير خلق نفس ثم خلق زوجها منها.
{رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ(15)} غافر
{وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ(49)فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ(50)}الذاريات
في الآيتين من سورة الذاريات، نجد إعلام الناس ان الله خلق من كل شيء زوجين، ففروا الى الله، وحرف الفاء يفيد العطف والإتصال بلا مهلة والتعقيب والسببية، ولهذا نجد علاقة بين خلق الزوجية في الأشياء، والتي بسببها يجب علينا أن نفر الى الله تعالى، بالطبع الزوجية التي هي الذكر والأنثى لا تستدعي الفرار الى الله، ولا ينطبق عليها زوجية كل شيء، كما سبق وذكرنا أنها تشمل الجماد والحي، والتي افترضنا أنها الزوجية التي بين المادة وضد المادة، فهذين الزوجين لو تلامسا لهلكا على الفور، وحيث أنهما موجودان في هذا الكون، فكأنهما السيف المعلق فوق رؤوسنا، والذي منه هلاكنا بل واندثار الكون كله ليصبح هباء في أي لحظة، هذه الزوجية تستدعي الأنذار وتستدعي الفرار الى الله. ويقول الله تعالى : {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ (15)} غافر، ويوم التلاقِ تعبيرًا عن اليوم الذي تزول فيه السماوات والأرض، وربما والله أعلم، سمي يوم التلاقي لأنه اليوم الذي يلتقي فيه الزوجين، أي المادة مع ضدها، فيزولا ويندثرا.
{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ(1)الله الصمد(2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ(3)وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ(4)} الاخلاص
{فَاطِرُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ(11)} الشورى
الله تعالى من صفاته أنه أحدٌ، ليس كمثله شيء، ولهذا فليس في الكون ما هو أحدٌ غيره، أما كل شيء في الكون فله زوج، ونحن نرى الأزواج في كل الأحياء، سواء كان من ذكر وأنثى أو بالإنقسام، ولكننا لا نرى ذلك في الجماد، كالصخور والنجوم، ولهذا فالزوجية هنا يجب أن تعود الى المادة وزوجها من ضد المادة، وهذا يعني بالضرورة أن مصيرهما الفناء، أما الواحد الأحد، فيبقى خالدًا الى الأبد، وفي قوله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27)} الرحمن.
{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (54)} الفرقان
{أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30)} الانبياء
{وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (45)} النور
نجد في آية سورة الأنبياء توحيد الخلق من الماء لكل المخلوقات الحية، {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ}، ونجد في آية سورة النور وحدة تكوين كل الدواب من الماء، وهذه الآيات التي جمعت جميع المخلوقات لا تبين بالضرورة أنهم خلقوا جميعًا من نفس الماء، ولكنها أيضًا لا تنفي ذلك. ونحن نعلم أن النوع الإنساني خلق من نفس واحدة {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} (28) لقمان، والإنسان من هذه الدواب، إذ ورد مع من يمشي على رجلين، ولهذا يمكن ترجيح أنها اتبعت نفس الطريقة.
وفي قوله {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ}(36) يس، وفي هذا توحيد لمواد الخلق الأخرى غير الماء، ونجد في هذا التشابه بين الإنسان والمخلوقات الأخرى، أي أن كل الأزواج خلقت من نفس المكونات، قد يدل هذا أيضًا أنها خلقت من نفس المكونات ذاتها، أي خلقت عبر عملية واحدة.
والأمثلة على الجمع بين الإنسان والأنواع الأخرى كثيرة في القرآن، منها قوله تعالى : {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ(38)} الأنعام. وفي قوله تعالى: {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} (28)} لقمان، والمخاطب هنا هو الناس. نعرف من النصوص أن البعث هو إعادة الخلق الأول، {..كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ.. } الأنبياء 104
{وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (14)} نوح
جاء في تفسير القرطبي: ”أي جعل لكم في أنفسكم آية تدل على توحيده. قال ابن عباس: ”أطوارا“ يعني نطفة ثم علقة ثم مضغة; أي طورا بعد طور إلى تمام الخلق, كما ذكر في سورة ”المؤمنون“. والطور في اللغة: المرة; أي من فعل هذا وقدر عليه فهو أحق أن تعظموه. وقيل: ”أطوارا“ صبيانا, ثم شبابا, ثم شيوخا وضعفاء.“
والأطوار من طور، يقول ابن فارس أنها أصل صحيح يدل على معنى واحد وهو الامتداد في شيء من مكان أو زمان، وجاء عن ابن منظور الطور التارة، تقول طورا بعد طور أي تارة بعد تارة، وجمع الطور أطوار، والناس أطوار أي أخياف على حالات شتى، والطور الحال والأطوار الحالات المختلفة والتارات والحدود، واحدها طور أي مرة ملك ومرة هلك ومرة بؤس ومرة نعم.
ولهذا فان الله تعالى جعل من صفات خلقنا أنه أطوارًا أي مراحل زمانية متتابعة، وهذه تنطبق على مراحل نمونا في الرحم من نطفة الى علقة الى طفلا الى رجلا، وتنطبق أيضًا على مراحل الخلق التطوري من الطين الى الإنسان.
وفي قوله تعالى: { والله أنبتكم من الأرض نباتًا . ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجًا } نوح 17-18
نباتًا مصدر على غير المصدر – لأن مصدره أنبت إنباتا، وهنا تشبيه خلقنا من الأرض مثل خروج النبات منها، والنبات يخرج ويعلو رويدًا حتى يصل الى حده. وقد تدل الى معنى إضافي، وهي أن أول خلقنا – وخلقنا جاء عبر خلق الحياة ذاتها – مر بمرحلة من المراحل الأولى لخلق الحياة، وهو ظهور الخلية الواحدة التي استمدت غذائها من الطاقة الشمسية، وهذا ما يتميز به النبات عن غيره من المخلوقات الأرضية، أي أن الخلق كان في مراحله الأولى نباتيًا من جهة طريقة الحصول على الطاقة، فالكائن الأول في مراحل تطوره كان يستمد الطاقة من أشعة الشمس، وهذا ما تفعله النباتات.
***
{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ ۖ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173) وَكَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (174)} الأعراف
يخبرنا الله تعالى أنه جعل في الشفرة الجينية للحمض النووي (دي ان ايه) للبشر – ذرية آدم – فطرة a تعرف الناس به b. وذكر في الآية بني آدم لأن هذه الفطرة جعلت للبشر فقط وهم ذرية آدم، لأنهم النوع الوحيد من المخلوقات الذي منح العقل وحمل الأمانة، فكان له حرية الأختيار فكان من رحمة الله به أن يفطره على نزعة معرفة الرب.
وفي قوله تعالى {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} الروم 30
يقول الطبري في تفسيره: “حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَر النَّاسَ عَلَيْها) قال: الإسلام مُذ خلقهم الله من آدم جميعا، يقرّون بذلك، وقرأ: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا قال: فهذا قول الله: كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ بعد.” أنتهى
أما لماذا لم تشمل الآية آدم، لآنه وفق ما روي عنه كان يعرف الله ولا حاجة لتعريفه بهذه الحقيقة.
ولو نظرنا إلى نص الآية أعلاه، وكل الآيات التي تروي قصة آدم، وأخذنا في الأعتبار أن الأجيال التي تلقت الرسالة في العصر الأول وطوال العصور حتى قرن أو قرنين قبل زماننا، لم يكن من الممكن أن يتصوروا أو حتى يتخيلوا ما وصلت اليه العلوم المعاصرة، بل ولن يقبلوا أن يكون خلق الحياة قد أستغرق ثلاثة بلايين ونصف سنة c؛ وأنه تطور ذاتيًا من خلية واحدة الى كل أنواع الحياة التي نعرفها، كان على النص أن يخاطب هؤلاء بما يفهمونه ويعقلونه، وإلا أصابهم بالبلبلة أو كذبوه، ولم يكن نشر العلم غايته لما شرحناه مفصلا في السابق. فكان لزامًا أن يعتمد النص على التشبيه والمثل لعرض الحقيقة في صورة مشابهة لها توافق معتقدات الناس في تلك العصور مع الحفاظ التام بالدلالات الحقيقية. وقد نجح في ذلك إلى حد فائق، فلا هو بلبل أفكارهم ولا تعارض مع ما صح من علومنا المعاصرة الحديثة. وقد ذكر لنا النص هذا الأسلوب البلاغي في قوله تعالى:
{هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7) } آل عمران
في رأي لابن عباس أن المحكمات هي التي يؤمن بها ويعمل بها؛ أي هي آيات التشريع العملي من أحكام وحدود وفرائض، أما المتشابهات فهي التي يؤمن بها ولا يعمل بها.
وعليه فالمتشابهات تشمل كل ما يتعلق بالغيبيات d وآيات الخلق الكوني وخلق الحياة والأمثال والقصص.
وهذه الآية الكريمة تعلمنا أن المتشابهات تحمل معلومات صحيحة قد تم عرضها بأسلوب وبكلمات وأسماء مغايرة للحقيقة لتناسب فهم الناس في كل العصور، وأن علينا إعمال الفكر والتدبر والجهد لنتمكن من الوصول الى المعنى الصحيح. وهذا الأسلوب المعجز ما هو إلا رحمة بالناس في العصور التي سبقت العلوم الحديثة.
***
{مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ (20) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (21) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (22)} سورة الرحمن
تدلنا هذه الآيات الى خلق أول خلية حية في الفتحات الحرارية في قاع البحار والمحيطات، وكيف أن إلتقاء الماء القلوي النابع من هذه الفتحات مع ماء البحر المالح ينتج عنه تدرج بروتيني تتولد عن تدفقه طاقة كيميائية أدت إلى تكون الخلية الأولى التي هي أصل الحياة على كوكب الأرض.
أنظر الرابط “مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ“ للإطلاع على الموضوع الذي نشر في المدونة.
***
الواضح مما سبق -في الأجزاء الثمانية- أن دلالة النصوص التى عرضنا لها، لا تدل أو تشير الى أن خلق النوع الإنساني كان خلقًا آنيًا فوريًا مباشرة من الطين. وإنما عبر تدرج مرحلي له بدء واكتمال. ويمكن تفسيرهذه النصوص -دون فرض معنى محدد عليها، مثل خلق آدم مباشرة من الطين- بكل يسر ووفق معانيها الظاهرة الواضحة، لنجد أنها تدل الى الخلق التطوري الذي توصلت إليه علومنا الحديثة.
الأعجاز القرآني في موضوع خلق الإنسان يظهر جليًا في الآيات التي تدل بيسر ووضوح، الى أن خلق الإنسان كان تطوريًا عبر دهرًا من الزمن حتى ظهر آدم أول البشر بما لديه من القدرة على النطق والبيان.
وقلنا أن النص القرآني معجزا لأنه خالف الفكر السائد في زمان التنزيل، وخالف الرسالات التي سبقته، ولوكان من عند غير الله لما خالف الفكر السائد ولا خالف أديان من سبقوه، هو معجزلأنه سبق علوم الإنسان بأكثر من الف ومائتين وخمسين سنة، سبحان الله تعالى عما يصفون.
يقول سبحانه وتعالى:{سنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} صدق الله العظيم.
وأخيرًا ؛ وللرد على الذين يقولون إذا كان كذلك، فلماذا لا نستخرج نظريات علمية من القرآن. نجيب لأن القرآن ليس كتاب علوم ولا يمكن أن نأت منه بنظرية جديدة، وأنما نتوقع أن دلالة أي نص قرآني يخص عالمنا المشاهد (الكون ضمن الأبعاد التي نحيا فيها) لن يتعارض مع علومنا الصحيحة، لأن هذا النص صدر عن خالق هذا الكون، وهو أعلم به.
*** الشكر والحمد لله إذ أنعم علينا وهدانا الى الدين القيم ***