الْبَلاءُ الْمُبِينُ

بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَىٰ وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ ٱلطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ ٱجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ٱدْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَٱعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} ٢٦٠ البقرة

يخبرنا الله تعالى في كتابه الكريم في الآية 260 من سورة البقرة، أن سيدنا أبراهيم عليه السلام سأل الله تعالى أن يريه كيف يحي الموتى، وأن الله سبحانه وتعالى منَّ عليه بأن أراه كيف عادت أربعة طيور الى الحياة بعد أن قطعهن سيدنا أبراهيم وجعل على كل جبل جزءًا منهن. حدث هذا عندما كان سيدنا أبراهيم شابا، بعد لقاءه مع الملك الذي حاجه في ربه. “سورة البقرة الآية 258”

ونعلم أن سيدنا أبراهيم لم يرزق ولدا الا بعد أن كبر وشاخ، وقد عاش عمرا يتمنى أن يكون له ولد، إذ دعا الله {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ(101)} الصافات. وفي سورة هود {قَالَتْ يَٰوَيْلَتَىٰ ءَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيب(٧٢)} هود. وفي سورة ابراهيم: {ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى ٱلْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ} ابراهيم (39). جاء في تفسير القرطبي: {ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى ٱلْكِبَرِ} أي على كبر سني وسنّ ٱمرأتي؛ قال ابن عباس: ولد له إسمعيل وهو ابن تسع وتسعين سنة، وإسحق وهو ابن مائة وٱثنتي عشرة سنة. وقال سعيد بن جُبَير: بُشِّر إبراهيمُ بإسحق بعد عشر ومائة سنة.

إلا أنه وبعد أن رزقه الله الولد وبلغ معه السعي، رأى في المنام أنه يذبح أبنه، وهذا هو البلاء المبين، وتذكر الآيات من سورة الصافات هذه الحادثة: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ (101) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآَخِرِينَ (108) سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ}(111) الصافات.

إلا أنه بالربط بين الحادثة الأولى وهي طلب سيدنا أبراهيم في شبابه رؤية كيف يحي الله الموتى، والحادثة الثانية وهي أختبار الذبح، يتضح العدل في هذا الإبتلاء، حيث أن الله تعالى لم يأمر أحدًا غير سيدنا أبراهيم بمثل هذا، لأن أبراهيم رأى رؤية العين كيف يحي الله تعالى الموتى، فكان هذا هو البلاء المبين، والذي تبعه وصف الله سيدنا أبراهيم {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ}.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*