الرد على إدعاء إطروحة دان جيبسون أن الإسلام بدأ في البتراء وليس في مكة وأن قِبلة المساجد الأولى كانت تتجه نحو البتراء

الجزء الأخير (الثاني من جزئين)

Respond to Dan Gibson Claim that Early Mosques Qiblah were directed towards Petra.

ملاحظة: لتكبير ورؤية أي من الصور بوضوح:

Place mouse on photo, click right and select open image in new tab

والآن بعد أن بيّنا في الجزء الأول خطء جيبسون وكرون في إدعاءات أن مكة يجب أن تكون مدينة عظيمة لها أسوار ومعابد ومباني عامة وطرق، وأنها تمتلأ بالبساتين والزيتون والثمار، وأنها على طريق القوافل التي تربط الشرق الأقصى بأوروبا، وأنها تجاور قرية لوط التي دمرها الله تعالى، وأن مكة التي في الحجاز لا ينطبق عليها أي من هذه الأوصاف التي أدعوا أن القرآن الكريم قد وصفها بهم، ثم أدعوا أنها لم يأت ذكرها في أي من الكتابات قبل القرن الميلادي الثامن، فتوصلوا وفق أفتراضاتهم التي بينا أنها كلها خاطئة، أن مكة أو مدينة الرسول لا يمكن أن تكون في الحجاز وأنما في شمال غرب شبه الجزيرة، ثم قرر دان جيبسون أنها كانت في البتراء.

وتوصل دان جيبسون بناء على البحث الذي قام به،  توصل الى أن المسلمين يصلون منذ أكثر من ألف وثلاثمائة سنة نحو القبلة الخطء، لأن قبلتهم الحقيقية هي في البتراء، وهذا يوصلنا الى آخر ادعاءته  (7) وهو أن كل مساجد القرن الأول هجري (السابع ميلادي) كان محرابها أو الحائط الذي يصلي المسلمون تجاهه، كان أتجاه صلاتهم نحو البتراء، وليس مكة.

وأصدر –وساعده ودعمه فريق عمل كبير – كتب ملونة الصفحات وفيلم مكلف ذو مواصفات عالية، وفيديوهات بالإنجليزية ومثلها مترجمة الى لغات عديدة منها العربيّة والتركيّة والصينيّة والفرنسيّة والهنديّة انتشرت كلها على الشبكة العنكبوتية.

والرد على ما استنتجه دان جيبسون بشأن إتجاه القبلة كان قد نشر في الأصل ردًا على الدكتورة باتريشيا كرون وزميلها الدكتور كوك أول من أثار أن إتجاه القبلة للمساجد الأولى كان في اتجاه مكان لم يحدداه يقع في شمال غرب شبه الجزيرة العربية، ورد عليهما ردًا علميا مدروسًا أصحاب موقع islamic-awareness.org في سنة 2001 جزاهم الله خيرًا ولم يكن كتاب وبحث دان جيبسون قد نشر بعد، وملخص رد islamic-awareness.org الذي ذكروه في نهاية الدراسة المستفيضة التي قدموها ونشروها  باللغة الأنجليزية وهذه ترجمته وفق ما قدرني الله عليه، يقول أصحاب الموقع:

النتيجة:

زعم كرون و كوك وسميث أن المساجد الأوائل تشير إلى قبلة لم تُعرّف تقع في شمال الجزيرة العربية أو حتى بالقرب من منطقة القدس. ومع ذلك ، فإن تحليلًا أدق باستخدام الأدوات الحديثة المتاحة لنا يبين أن قبل المساجد المبكرة كانت موجهة نحو الإتجاهات الفلكية Astronomical Alignments ؛ أي نحو شروق الشمس في فصل الشتاء للمسجد الذي في مصر ونحو غروب الشمس في فصل الشتاء للمساجد في العراق. وقد تبين بشكل قاطع أن المساجد المبكرة لا تشير إلى شمال الجزيرة العربية أو حتى بالقرب من القدس. وقد أضفنا أيضًا دراسة 12 مسجدًا من الأوائل في مرتفعات النقب لدعم استنتاجاتنا.

في القرون الأولى للإسلام ، لم يكن لدى المسلم أدوات لتحديد إتجاه القبلة بدقة. فقط من القرن الثالث وما بعده ، أصبحت الحلول الحسابية لتحديد اتجاه القبلة متوفرة ؛ وحتى في ذلك الحين لم يكن استخدامها على نطاق واسع. إذ احتفظ علم الفلك الشعبي folk astronomy (ربما الأسم يكون الفلك البلدي) بدوره على النحو الذي نجده في مختلف المساجد في القاهرة ، وكوردوفا وسمرقند. هذا أدى إلى اتجاهات مختلفة نحوالقبلة، في بعض الأحيان خرجت كثيرًا عن الاتجاه الصحيح.      والله تعالى أعلم “ أنتهى كلام إسلاميك أوارنيس.

هذا ما نشره أخواننا في إسلاميك أوارنيس في يوليه سنة 2001، بعد أن قاموا بدراسة علمية حرفية نُشرت في موقعهم الألكتروني وقد أدرجت عنوان صفحة الدراسة في موقع المضاربة حيث أنشر هذا الموضوع. وكان هذا قبل أن يبدأ دان جيبسون تتبع إتجاهات نفس هذه المساجد ولو كان قرأه لوفر على نفسه عناء البحث الذي قام به ووفر علينا عناء الرد عليه.

ولكنه أي دان جيبسون، قضى عشرة سنوات في بحثه الذي نشره في  كتاب صدر سنة 2011م، وملخص ما يزعمه دان جيبسون هو أن كل المساجد التي بنيت في القرن الأول هجري وبالتحديد حتى سنة 107 هجري والتي استطاع تحديد إتجاه قبلتها وجدها تتجه بدقة نحو 

البتراء، وشملت هذه المساجد مسجد في الصين ادعى أنه شيد سنة 627 أي السنة الهجرية الخامسة وأن الصحابي سعد ابن أبي وقاص ذهب الى الصين ودعا للإسلام هناك وكما يبدو استجابوا له فبنى لهم مسجدًا هناك في جوانجو (كانتون) وجعل اتجاه قبلته نحو البتراء بدقة. ولم نسمع من أي من المصادر الأسلامية أن صحابي نشر الإسلام في الصين في السنة الخامسة هجرية أي قبل فتح مكة بثلاث سنوات، وقبل نشر الإسلام في الجزيرة العربية، وليصل الصين ويدعو ويبنى أساسات المسجد لا بد أنه غادر المدينة قبل ثلاث أو أربع سنوات، أي قبل غزوة أحد وربما قبل بدر، وربما قبل تحويل القبلة. لا أعتقد أن المسلمين في ذاك الوقت كان شغلهم أن يدعوا للإسلام في أقصى الصين قبل البلاد العربية والبلاد التي بينهم وبين الصين.

ما علينا، دان جيبسون يقول أنه درس أساسات ما تكشف له فإن لم يكن الحوائط الأصلية لمساجد منها مسجد الفسطاط في مصر والقصر الأموي بالحميمة الذي قال أن الناس كانوا يصلون في فناءه، وغيرهما في اليمن ولبنان والأردن وفلسطين والعراق وكلهم من مساجد القرن الأول ووجد أنهم جميعًا يتجهون بدقة عالية نحو بلدة البتراء القديمة. وأنه فقط بدءًا من القرن الميلادي التاسع (الهجري الثالث)، أي بعد قرابة مائتين سنة من وفاة الرسول، أصبحت كل المساجد تتجه نحو قبلة مكة الحجاز.

وهذا يشبه ما قال به كوك وكرون والذي رد عليه أصحاب إسلاميك أوارنيس، إلا أن هذه المرة، تصدى للرد على دان جيبسون، أحد الأساتذة الأكاديميين المعروفين في هذا التخصص، وهو البروفيسور ديفيد كينج المتخصص في الدراسات الإسلامية، الذي درس وتخرج من جامعة كامبردج ثم الماستر من أكسفورد ببريطانيا ثم الدكتوراة من جامعة يل بالولايات المتحدة، وله أكثر من خمسة عقود خبرة تدريس وبحث ونشر أوراق وكتب علمية في هذا الموضوع ونال العديد من الجوائز العلمية، أي لن نجد كثيرًا لهم مثل علمه ودرايته بهذه الموضوعات. ويبدو أنه كان متقاعدًا فهو في السبعينات من عمره، عندما قرأ كتاب جيبسون هاله النتيجة التي توصل إليه جيبسون فخرج من تقاعده لكتابة الرد الذي وضعت عنوانه الألكتروني في موقع المضاربة، الدراسة التي قدمها في رده مفصّلة وعلمية ومفحمة وقاطعة، يمكنكم الإطلاع عليها في موقع muslimheritage.com جزاهم الله خيرًا على هذا العمل الرائع، وسأحاول هنا إقتباس وترجمة أجزاء قليلة من المقال المنشور على موقع مسلم هيريتدج، على قدر ما أتمكن من صحة الترجمة، ووفق ما يقدرني الله عليه، ويمكنكم قراءة الأصل باللغة الإنجليزية في الموقع المذكور.

 يقول ديفيد كينج في المقدمة تحت عنوان ” ملاحظة أولية: يزعم كتاب دان جيبسون الجديد أنه يقلب رأساً على عقب كل ما نعرفه عن أحد ممارسات العبادات الإسلامية المبكرة، وهو الإتجاه المقدس (القبلة) نحو الكعبة في مكة. وهو يعتقد أن الإسلام بدأ في البتراء وليس في مكة ، وأن وجهة صلاة المسلمين في القرنين الأولين كان باتجاه البتراء وليس مكة. كدليل على ذلك يحاول أن يظهر أن العشرات من المساجد الأوائل كانت تتجه نحو البتراء بدقة ملحوظة. وحيث أن أفكاره الثورية هذه تتجاهل ما أسست له الدراسات الحديثة حول القبلة المبكرة، فإنني أقدم نظرة عامة عن كيف كانت الأمور في الواقع آنذاك. ثم أبين كيف أن جيبسون قد أساء فهم معظم البيانات المتاحة له، ومقارنة اتجاهات مساجد العصور الوسطى مع الاتجاهات الحديثة للبتراء ومكة، ولماذا كان تفسيره خاطئ تماما. باختصار، لقد تسبب في إحداث فوضى عارمة بالمعلومات التي لا يستطيع إتقانها، وقام – عن قصد أو عن غير قصد – بإنتاج وثيقة غير علمية وغير حرفية مسيئة للمسلمين، وكذلك مسيئة للدراسات الأكاديمية الإسلامية والغربية. إذ ليس أي من المساجد التي درسها وحققها جيبسون له أي علاقة بالبتراء. وفي الواقع ، ولا الإسلام في القرون الأولى له علاقة بالبتراء.

ويضيف البروفيسور ديفيد كينج:

الهدف النهائي لهذه الورقة البحثية هو هدم أطروحة البتراء في كل الأزمنة. أنا أواجه أطروحة جيبسون الغير علمية بحقيقة بسيطة مفادها أن المسلمين الأوائل لم يكن في مقدورهم أبدًا أن يوجهوا المساجد بدقة نحو البتراء ، أو حتى نحو مكة. والأسهل هدم أطروحة جيبسون الإحتياطية الثانية، التي تقول أن الأجيال الأولى من المسلمين كانت تمتلك كل المعدات التقنية اللازمة – مثل علم المثلثات ، الهندسة، الإحداثيات الجغرافية، الأجهزة الفلكية – لتحديد اتجاه البتراء بدقة لأي موقع من الأندلس إلى الصين. لأن هذه المعدات في الواقع  أصبحت متوفرة للمسلمين في العراق فقط في أواخر القرن الثامن وأوائل القرن التاسع، ولهذا فإن محاولة جيبسون تصنيع الأدلة من أجل حقبة سابقة (في القرن السابع) تسقط تماماً.

ويستمر البروفيسور في شرح أن المساجد في الفترة الأولى كانت توجه وفق الفلك الشعبي (أو البلدي)  Folk Astronomy، وكانوا يوجهوها نحو الشروق والغروب الشتوي والصيفي، وكانوا يقولون عنه وجهة الصحابة، وهذا مثل الذي قاله لنا أصحاب إسلاميك أوارنيس  Islamic Awareness قبل قرابة عشرون سنة، والبروفيسور كينج له دراسة علمية فلكية عن الكعبة وإتجاهاتها، بل واعتمد دان جيبسون على بعض مؤلفات البروفيسور حيث أنه –أي ديفيد كينج- ربما كان من أوائل من قالوا أن المساجد الأولي لم تكن تتجه للكعبة ولكن دان لم يعي ما كتبه البروفيسور وسار في طريق مختلف.

ويضيف البروفسور كينج:

“إن اكتشاف” جيبسون أن معظم المساجد المبكرة كانت متجهة بدقة نحو البتراء هو أمر غير متوقع لأن الأجيال الأولى من المسلمين ليس لديها أي وسيلة على الإطلاق لإيجاد اتجاه البتراء بدقة ضمن درجة أو درجتين ، لأسباب أقلها أنهم لم يكونوا يستطيعوا الحصول على أي إحداثيات جغرافية ، ناهيك عن الأحداثيات الجغرافية التي لدينا اليوم، وليس لديهم أي حسابات على الإطلاق. وتجاهل حقيقة أن العديد من مساجده تتوازى إما مع cardinally or solstitially ( وترجمتهما أنهما الإتجاهات الأربعة أو مع اتجاهات الشروق والغروب الموسمية). أن نجد أن المساجد المبكرة لا تواجه مكة كما نرى نحن في زماننا هذا فهذا ما نتوقعه ولا يجب أن نتفاجأ، لأن المسلمين الأوائل لم يكن لديهم أي وسيلة لإيجاد اتجاه مكة بشكل دقيق، رغم أنهم فعلوا ذلك بأفضل ما يمكنهم من خلال الوسائل المتاحة لهم. إن مقارنة الإتجهات في العصور الوسطى مع الاتجاهات الحديثة القائمة على المعرفة الجغرافية الحديثة والصيغ المثلثية الدقيقة، ليس له أي قيمة علمية. إن القيم الحديثة للاتجاهات من مكان إلى آخر بعيد لا قيمة له عند دراسة اتجاهات المباني التاريخية. أكرر هذا على أمل أنه حتى جيبسون قد يفهم.”

وفي النهاية يقول البروفيسور ديفيد كينج:

“بالنسبة للغيرمطّلع، يبدو كتاب جيبسون للوهلة الأولى وكأنه قمة لما يمكن تحقيقه من قبل هواة متلهفين ومبدعين في التاريخ الإسلامي، حتى بدون معرفة جادة باللغة العربية الكلاسيكية وبدون تلقي تعليم نقدي في الدراسات الإسلامية. ولكن ما توصل اليه في الواقع ليس إلا تشكيل من السقالات يغلف الكعبة التي تخيلها في البتراء ، والسقالات أكثر من جاهزة للإنهيار. ومع ذلك، فإن نشره هذه الفرضيات يمثل كارثة هائلة للدراسات التاريخية (وأكثر من ذلك بالنسبة للمجتمع المسلم بأكمله) ويرجع ذلك في المقام الأول إلى وجود عدد قليل جدًا من الأشخاص الذين لديهم المؤهلات اللازمة للحكم على هذا العمل بما له من قيمة، والتي (أي قيمته) لن تتعدى بعض الصور الجميلة. هناك أجزاء أخرى من الكتاب يكون آخرين مؤهلين أكثر مني للتطرق إليها، وآمل أن لا ينخدعوا باستنتاجات المؤلف حول وجهات المساجد الأولى.”

ويضيف السيد كينج أيضًا:

“جيبسون ، بعد أن تأكد في رأيه أن المسلمين كانوا يصلون في الاتجاه الخاطئ لأكثر من ألف عام ، ويعرب عن أمله في أن المسلمين سوف يرون الآن الضوء (ص 272). لكن في الواقع ، أرى أن ليس لديهم –أي للمسلمين- ما يدعو للقلق فيما يعتقده بهذا الخصوص. لإن جميع تحقيقات جيبسون فيما يخص وجهات المساجد الأولى في القرون الوسطى باستخدام البيانات الحديثة والطرق الرياضية الحديثة ليست ذات قيمة تاريخية. إن الجهود التي يبذلها لإظهار أن المسلمين من الصين إلى الأندلس يجب أن يكون لديهم كل المعدات التقنية اللازمة للعثور على اتجاه البتراء بدقة لا تتجاوز أنحراف درجة أو درجتين هي مقولة سخيفة. ولحسن الحظ ، مهمته تدمر نفسها ذاتيًا.” أنتهى كلام البروفيسور ديفيد كينج.

وملخص كلام إسلاميك أوارنيس ومسلم هيرتدج في مقال ديفيد كينج، أن المسلمين الأوائل في مصر وجهوا قبلتهم نحو شروق الشمس في فصل الشتاء، وهي ما عرفت بقبلة الصحابة، وأن أهل العراق وجهوا قبلتهم نحو نقطة غروب الشمس الشتوية، وكذلك في كل البلدان الأخرى أعتمدوا على ما سماه هؤلاء الخبراء علم الفلك الشعبي، ويؤكد إعتماد الأوائل على مشرق الشمس ومغربها، ما ذكره موقع ملتقى أهل الحديث في شرح حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، “رُوِيَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ” وكان هذا في المدينة ومكة في الجنوب، فاذا جعلت مشرق الشمس يسارك ومغربها يمينك فقد توجهت الى مكة. في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان محرابه مصيباً لعين الكعبة، وقال بعض العلماء بالإجماع على ذلك، ومع ذلك ما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يأتي إلى مساجد الناس في المدينة ويقول لهم: هلموا أضبط لكم قبلة الكعبة بعينها، بل ترَكهم يجتهدون، وقال: ( ما بين المشرق والمغرب قبلة )، وهذه هي سماحة الدين ويُسره، وأما المبالغة في الضبط والتحرَّي، وتشكيك الناس في صلاتهم فهذا لا ينبغي؛ لأن الله عز وجل وسَّع على عباده، وديننا دين رحمة، وليس دين عذابٍ وعنت، ولذلك ما دام أنه استقبالٌ للجهة فهذا يكفي، ولا عبرة بالتحديد المبالغ فيه كما ذكرنا.

وقوله: (ومن بَعُد جهتها) أي: جهة الكعبة، فإن كانت جهتها في المشرق فالقبلة المشرق، وإن كانت جهتها المغرب فالقبلة المغرب، لا يكلِّفك الله أكثر من الجهة، والدليل على هذا قوله تعالى: { فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ } [البقرة:144]، والشطر هو الناحية؛ لأن الشطر يُطلق بمعنيين: بمعنى النصف، وبمعنى الناحية، فيُقال شطر كذا، بمعنى ناحيته، وشطر كذا، أي: نصفه.” أنتهى الإقتباس من موقع أهل الحديث.

وقد أعتمد المسلمون على الفلك الشعبي، لأنهم في ذلك الزمن لم يكن لديهم وسيلة أخرى لتحديد إتجاه الكعبة، وبعد مائتين سنة أي بدءًا من القرن الثالث، بدء تطور علوم الفلك والحساب وهندسة المثلثات واستخدام الأدوات وبعدها الإسطرلاب بما مكنهم من توجيه قبلتهم نحو مكة، هذا هو تفسير سبب انحراف القبل الأولى، ثم كيف أنها أنضبطت منذ بدء القرن الثالث هجري، وازدادت إنضباطًا ودقة تدريجيًا في القرون اللاحقة، وفق تقدم علوم الفلك وحساب المثلثات وأدوات القياس والتوجيه كالإسطرلاب والجداول والرسومات وتطور الخرائط الجغرافية وتطور معارف الناس، وهؤلاء كلهم لدينا المخطوطات والكتب والخرائط التي تعود الى تلك الأزمنة والتي تشهد بهذا التطور التدريجي والتي يظهر أثرها في إتجاهات المساجد التي شيدت في القرون الثالث حتى العاشر هجري، كلها تبين تطور الدقة في توجيه مساجدها نحو الكعبة. هذا هو التفسير الواقعي العلمي المتنور، دون الحاجة لتفاسير تقدم أطروحة عن نقل الكعبة وقريش من مكان الى آخر، ومؤامرة عباسية لإخفاء أي أثر من هذه الأحداث. إضافة الى تأكيد الخبراء الذين ذكرناهم، أن المسلمين الأوائل لم يكن في استطاعتهم توجيه مساجدهم نحو البتراء بالدقة التي قال بها جيبسون. لأنهم لم يكن لديهم العلوم ولا الأدوات التي تمكنهم من ذلك.

وأخيرًا بعد أن أرتحنا من موضوع قبلة البتراء، لا يبقى لدينا سوى نقض نظرية المؤامرة التي قال بها، وهي أن العباسيين زوروا التاريخ ومحوا ذكر وذاكرة الناس عن قبلة البتراء، ولا أدرى كيف استطاعوا هذا وكان هناك الأندلس ما زالت أموية لمئات السنيين بعد هذه الأحداث، والمغرب العربي وبلاد في أفريقيا، وبلادا أخرى كثيرة في

 الشرق منهم أندونسيا والملايو والصين وهؤلاء جميعًا خارج نطاق حكم الدولة العباسية، فكيف أحرقوا كتبهم ومحوا ذاكرة هذه الشعوب كلها. وماذا عن الأمم الأخرى مثل بيزنطة، وماذا عن أصحاب الأديان الأخرى، اليهود والنصارى، هل تآمروا أيضًا. كيف استطاع العباسيون مسح ذاكرة كل الناس.

بهذا ننهي هذا المقال، وتستطيعون الحصول على كل العناوين الألكترونية التي ورد ذكرها منشورة في نهاية هذا المقال .

وأخيرًا، تبقى مكة أم القرى في الحجاز في واد غير ذي زرع، وتبقى في قلوبنا مهد الدين الإسلامي خاتم الأديان الذي حظانا الله تعالى به، ويبقى تراثنا الإسلامي كما نعرفه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


الفيديو في قناة المضاربة على يوتيوب: الرد على إدعاء إطروحة دان جيبسون أن الإسلام بدأ في البتراء وليس في مكة وأن قِبلة المساجد الأولى كانت تتجه نحو البتراء

الجزء الأول

https://www.youtube.com/watch?v=u1evbvc8UWE

الجزء الثاني

https://www.youtube.com/watch?v=AclYsUlT4bY


المراجع

الجزء الأول

http://www.iandavidmorris.com/mecca-before-islam-2-makoraba-macoraba/

https://download-islamic-religion-pdf-ebooks.com/25944-free-book

الجزء الثاني

https://www.islamic-awareness.org/history/islam/dome_of_the_rock/qibla

http://muslimheritage.com/article/from-petra-back-to-makka

https://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=293668

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*