حُكم وشروط البيع بالثَّمَن المؤجّل مع الزِّيادة على الثمن الحال

حُكم وشروط البيع بالثَّمَن المؤجّل مع الزِّيادة على الثمن الحال

التالي مقتبس من دراسة للأستاذ علي محمد ونيس نشرها موقع الألوكة :

“”حُكم البيع بالثَّمَن المؤجّل مع الزِّيادة على أصْل الثمن

اختلفَ العلماءُ في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:

الأول: عدم الجواز، فلا يَصِحُّ زيادة الثَّمَن في مقابل تأجيل قبض الثمن، وأبو بكر الرازي الجصاص الحنفي، وهو قول قلة من المعاصرين.

الثاني: القول بِجَواز بَيْع التَّقْسيط، وبأن أخذ زيادة في السِّعر مقابل التأجيل أمْرٌ يُقِرُّه الشرع، فهو قول جماهير العلماء منَ الصحابة والتابعين والمذاهب الأربعة: الحنفيَّة ، والمالكية ، والشافعية ، والحنابلة ، ورجحه منهم ابن تيمية، وأكثر المعاصرين، ومنهم: الشيخ/ محمد رشيد رضا، الشيخ/ عبد الوهاب خلاف، الشيخ/ بدر متولي عبد الباسط.

الثالث: الجواز مع الكراهة، وإليه ذهب الأستاذ الدكتور رفيق المصري، كما في كتابه “مصرف التنمية الإسلامي.””   أنتهى الإقتباس

أحد أسباب إختلاف الفقهاء في هذه المعاملة، أنهم أعتبروا أن المُشتري أمتلك العين المشتراة ملكية تامة -حيازة وتملك- عند إستلام العين في الوقت الحال، وأن الثمن يصبح دين يؤدى في الأجل فتكون الزيادة في الثمن نظير الأجل وهذا ربا أو به شبهة الربا، ولنا رأي آخر.

في معاملة البيع المؤجل فيه الثمن والمُسلم فيه المُشترى في الحال، نرى أن عقد البيع لا يكتمل إلا بعد أن يستلم البائع الثمن، ولهذا لا تصبح الملكية تامة إلا بعد تسليم الثمن للبائع، وحتى ذلك الحين تكون الملكية ناقصة (حيازة فقط)، ولا تصبح الملكية تامة حتى يدفع المشتري الثمن كاملا الى البائع. أي تبقى العين المشتراة ملك البائع حتى يدفع المشتري ثمنها في الأجل المحدد.

وفق هذا الإخراج للمعاملة، ينتفي عن هذه المعاملة صفة أنها معاملة أكتمل فيها البيع عند تسليم العين المباعة وأنتقلت الملكية التامة الى المشتري، وأن الثمن المؤجل يصبح دينا على المشتري يدفعه للبائع في الأجل المحدد. وأنما هي معاملة أستلم فيها المشتري العين وأصبحت في حيازته يستفيد بمنفعتها قبل أن يدفع ثمنها وقبل أن يكون مالكًا لها؛

وتكون العين في حيازة المشتري في حكم الوديعة، لأنه لو تخلف عن دفع ثمنها في الأجل عليه أن يعيدها، وعليه فالمُشتري –قبل أن يسدد الثمن- يكون في هذه الحالة أمين، والأمين لا يضمن.

وحيث أن العين تظل ملك البائع، ولو هلكت عند المشتري دون تعدى أو تقصير أو أهمال منه، ليس على المشتري شيء من ثمنها، ويتحمل البائع وحده هلاك العين.

وحيث أن الخراج بالضمان، والخراج هو منفعة العين، فالمنفعة للبائع. فإن أخذها المشترى كان عليه ثمنها يدفعه للبائع. فيكون ثمن هذه المنفعة –التي هي من حق البائع بضمانه العين لو هلكت- هو الزيادة في الثمن المؤجل عن الثمن الحال.

عليه تكون الزيادة على الثمن الحال هي ثمن منفعة العين التي حصل عليها المشترى قبل أن يدفع ثمن العين وقبل أن يملك العين.

وعليه، لا يجوز هذا البيع المؤجل فيه الثمن مع زيادته عن الثمن الحال إلا فيما يصح الإنتفاع به مع بقاء عينه.  أي ما له منفعة، أما فيما يستهلك عينه كالطعام فيصح البيع المؤجل فيه الثمن شرط إن لا يزيد الثمن المؤجل عن الثمن الحال، لأننا لن نجد عوضا للزيادة ويكون ضمان العين المباعة على المشترى من وقت تسلمها أي في الحال، ويكون الثمن دينا –أو قرضا- على المشتري يؤديه عند حلول الأجل، ولهذا لا يصح زيادة الثمن المؤجل عن الثمن الحال.

ونعود الى البيع المؤجل فيه الثمن مع زيادة الثمن المؤجل عن الثمن الحال، ونكرر ما قلناه أعلاه لأهمية توضيح من يضمن العين قبل تسديد المشتري للثمن المؤجل. قلنا أن الزيادة عوض المنفعة التي سيستفيدها المشترى قبل أن يدفع ثمنها، وحيث أن المنفعة لمن يضمن وفق قاعدة الخراج بالضمان والغُنم بالغرم،ِ يتوجب علينا أن نحدد من يضمن لو تلفت العين عند المشترى قبل أن يدفع ثمنها.

 فلو قلنا أن المشتري هو من يضمن لو تلفت عنده، فالخراج بالضمان أي المنفعة له، ولا يصح عندئذ إخراج الزيادة على أنها منفعة العين المشتراة، لأن الخراج له بضمانه لها لو تلفت عنده.

أما كما قلنا أن العين المشتراة تصبح وديعة عنده، ومازالت ملك البائع له خراجها وعليه ضمانها، يصح هنا أن تكون زيادة الثمن المؤجل عن الحال عوض المنفعة التي استفادها قبل أن يدفع المن ويمتلك العين.

وهذا بالضرورة يجعلنا نضيف بند للبيع المؤجل فيه الثمن أن العين لو تلفت دون تعدي أو إهمال من المشتري (وقد حرص عليها وصانها وحفظها) فليس عليه شيء ويعيدها او ما تبقى منها وليس عليه من ثمنها شيء.  وإن لم يضف هذا البند، وكان ضمان العين المباعة على المُشترى الذي استلمها، لا يصح في هذه الحالة زيادة الثمن المؤجل عن الثمن الحال، لأن ثمن المنفعة أي الخراج يكون للمُشترى بضمانه العين المُشتراة لو هلكت وهي في حيازته.

وأضيف أن من تعاريف الربا أنه كسب دون عوض (دون مقابل)، وهنا الزيادة عوضها قيمة المنفعة التي يتحصل عليها المشتري فانتفت عنها –أي الزيادة- صفة الربا.

 

البيع بالثمن المؤجل والدفع على أقساط في أوقات محددة.

وأخيرًا، قال الفقهاء لا يصح النص في العقد على ثمنين، ثمن الحال والثمن المؤجل، مع حرية المشتري في الإختيار، لأن هذين شرطين في بيع واحد وقد نهي عنه. الاتفاق يكون إما البيع الحال أو البيع المؤجل ومتى أتفقا على أحدهما لا يصح بقاء الآخر. ولي رأي مختلف في هذا، حيث حددنا أن زيادة الثمن الآجل عن الحال هو لقاء المنفعة التي سيحصل عليها المشتري قبل أن يتملك العين، وأن العين في يد المشتري أمانة والضامن هو البائع لو هلكت دون تعدي، فلا بأس هنا ببيان الثمنين الحال والمؤجل. وهذا يهمنا في البيع المؤجل فيه الثمن والذي يقسط على دفعات تدفع كل شهر أو كل سنة في مواعيد متفق عليها ومحددة. فان قسط الثمن على عشرة أقساط وكانت الزيادة عن الحال تساوى مجموع المنفعة عن كل فترة، (شرط تناقص المنفعة مع تزايد دفعاته لأنه بعد كل قسط يدفعه المشتري يتملك جزءًا آخر من العين، وهذا يدخل في حساب قيم المنافع المتناقصة عند حساب الزيادة للثمن المؤجل عن الحال).

والرأي أن يصح أن يقرر المشترى في أي وقت مستقبلي تحويل المتبقي عليه من الثمن المؤجل الى ثمن حال آنذاك (أي في الوقت الذي سيقرر فيه) –بعد خصم أثمان المنافع المستقبلية- ليدفعه ويتملك العين ملكا تاما. وهذه المعاوضة بينة عادلة لا يتخللها غرر ولا جهالة، وتعطي المشتري حق تملك العين والمنفعة خلال مدة العقد وقبل نهايته، وفي هذا فائدة للمشتري وللبائع.

وفي البيع بالتقسيط، يجب التنبيه هنا أن الزيادة في الثمن الآجل عن الحال يحدده ثمن المنافع التي سيحصل عليها المشتري قبل دفعه الثمن على أقساط، والمنافع تحسب على أساس منفعة كل العين مخصوما منها منفعة الجزء الذي يملكه، ومنفعة الجزء الذي يملكه متزايدة بتزايد نسبة ملكه من العين بعد كل دفعة يسددها. ومتى حددنا تواريخ سداد الدفعات يمكن حساب قيم المنفعة المستحقة عن كل فترة وتكون متناقصة حتى يمتلك العين كاملة. ومجموع قيم هؤلاء المنافع يكون هو الزيادة عن ثمن الحال. ويراعى في حساب الأقساط أن جزءًا من كل دفعة يذهب لسداد ثمن العين والجزء الآخر لسداد ثمن المنفعة عن الفترة التي سبقت تاريخ سداد هذه الدفعة بدءا من الدفعة التى تسبقها، فيما عدا الدفعة الأولى فتكون بدءًا من تسليم أو قبض العين. وأن نسب التملك تحسب بنسبة الجزء المدفوع لسداد ثمن العين مقسومًا على ثمن العين الحال. وعليه فكل دفعة تزيد ملكية المشتري للعين، فلا يدفع بعدها إلا ثمن المنفعة عن الجزء الذي لم يمتلكه بعد. ويراعى أن ضمان الجزء الذي لم يمتلكه المشتري بعد يكون على البائع –ما لم يتعدى المشتري.

ونود التنبيه هنا أن الثمن الآجل يتحدد من حساب ثمن المنفعة وإضافتها الى الثمن الحال. ولا تصلح المعاملة دون الشروط التي ذكرناها ولا تصحُ إلا بالإلتزام الكامل بكل هذه الشروط والحسابات. وللتوضيح نعرض المثال في الجدول التالي.

والحمد لله.

Al Mudarabah Channel Video at You Tube

البيع بالثَّمَن المؤجّل مع الزِّيادة على الثمن الحال

https://youtu.be/jSOhlo6JgE8

حساب الزيادة في الثمن المؤجل عن الثمن الحال في البيع المؤجل فيه الثمن

https://youtu.be/i6N18jadQRE

                                وسيم محمد رفيق


مثال معاملة شراء سيارة تسليم الحال والثمن مؤجل على 24 قسط شهري تستحق أول دفعة عند موعد تسليم السيارة الى المُشتري

  .Reader can see a larger image of the above table by right click on the image and select show image on  new tab

One Reply to “حُكم وشروط البيع بالثَّمَن المؤجّل مع الزِّيادة على الثمن الحال”

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*