الرد على شُبهة وإدعاء أن القرآن الكريم نُقل من الكتب السماوية التي سبقته وأنه بشري المصدر
3 / 5
الجزء الثالث
قبل أن أترك هذا الموضوع بخصوص الرد على الشُبهات التي يثيرها اللذين أعياهم هذا الدين القيم وملأ قلوبهم حسرة لعظمته وقيمته في قلوب المؤمنين به، أود الرد بإختصار على الذين يدعون أن ما يسمونه الغزو الأمبريالي العربي في القرن السابع لم يكن قائما على دين، وأنما وبعد الإنتصار والنجاح في تكوين أمبراطورية عربية، فكر الحكام الأمويين في تأليف دين يدعم ويوحد إمبراطوريتهم، أي أن الأمبراطورية وجدت أولا ثم أوجدت الدين، وأدعى هؤلاء أن الأمويين بدءا من معاوية ولدرجة أكبر عبد الملك ابن مروان من معه هم من ألف الدين الإسلامي، وأنهم زوروا لهذا الدين قرآنا وتاريخا أرجعوه الى زمان سيدنا محمد. وما دعاهم الى ذلك إدعائهم هذا، أنه لا يوجد مصادر تاريخية غير إسلامية تذكر نشأة الإسلام أو الرسول أو مكة، كأن المصادر التاريخية –خارج كتابات اليهود والنصارى- تمتلأ بذكر عيسى وموسى وأبراهيم وغيرهم من أنبياء ورسل العهد القديم، الذين لم يأت ذكر أي منهم في أي من وثائق ومخطوطات الرومان والفرس والفراعنة المصريين. ومع هذا فقد ذكر المؤرخ الأرميني سيبيوس في سنة 656 م أي 24 سنة بعد وفاة الرسول، ذكر محمد بالأسم وكان يتحدث عن أحداث وقعت سنة 630 ميلادية وأن وفقًا لأوامر الرب ظهر في العرب واعظ أسمه محمت تاجر وأعطاهم القانون وفقًا لأوامر الرب وأمرهم أن يعبدوا الله ويتبعوا الطريق المستقيم، وأن لا يشربوا الخمر ولا يأكلوا الميتة ولا يتكلموا كذبا ولا يزنوا، ثم ذكر حربهم مع الفرس ومع بيزنطة وذكر معاوية.
القول أن الإسلام زور أواخر القرن السابع وأوائل الثامن ميلادي، فرضية ظهرت في السبعينات من القرن الماضي، ورفضها معظم الباحثون الأكاديميون في أوروبا، إلا أن البعض عاد يثيرها من جديد منذ عدة سنوات، وقد رد عليهم أغلب أساتذة الأديان والتاريخ ورفضوا أقوالهم، وقد أنتهوا من هذه الفرية، ويتفق معظم المؤرخون والأكاديميون والباحثون الغربيون أن سيدنا محمد كان موجودا في نهاية القرن السادس وبداية السابع، ولم يعد هذا مجالا للبخث أو التشكيك. إلا أن هؤلاء ما زالوا يكررون في اليوتيوب والأنترنيت فرية أن الإسلام منتج أواخر القرن السابع ميلادي وتطور في القرنين اللاحقين، وبالرغم أنني ذكرت أن هذا رد عليه وحسم أمره، إلا أنني أو أد أزيد هنا على ردود الأساتذة والعلماء الذين رفضوا هذه الفرضية.
لو كان عبد الملك ابن مروان (حكم 65 – 86 هـ) (685م – 705م) (وهو من بني أمية) هو من ألف الإسلام، فهل كان عبد الملك ابن مروان الخليفة الأموي ليختار محمد بن عبد الله وهو من بني هاشم ليكون نبي ورسول هذا الدين. ومعروف للجميع مدى التنافس بين الفرعين القرشيين بنو هاشم وبنو أمية ابن عبد شمس، ولماذا يؤلف سيرة يجعل فيها جدهم مؤسس الدولة الأمويه، يجعل أبا سفيان زعيما للمشركين المكيين، اللذين ناصبوا الرسول العداء وأخرجوه وقاتلوه قرابة عشرين سنة، حتى هزمهم الرسول وفتح مكة. أموي يؤلف قصة ينهزم فيها أبا سفيان الذي أبنه معاوية مؤسس الدولة الأموية، فهل يعقل أن يؤلف هؤلاء الأمويون دينًا يجعلوا نبيه ورسوله من بني هاشم، وأن يجعلوا النصرة له على جدهم! ثم يقتل الأمويين حفيدي النبي ويستبيحوا مكة والمدينة. ثم يروجون لهذا الدين والقرآن والرسول لأنه وفق قول هؤلاء المدعون سيوحد مملكتهم ويدعمها. أي عاقل يقول مثل هذا. أصحاب هذه الأقوال من الأوربيين لا يعرفون شيئًا عن عادات العرب وعن العصبية القبلية والتنافس العائلي. ومعروف أيضًا أن الدولة الأموية نفسها زالت وأبيدت على يد العباسيون الذين هم من أهل بيت الرسول، والذين أخذوا شرعيتهم من قرابتهم للرسول صلى الله عليه وسلم. أي أن الأمويين -اللذين بإدعاء هؤلاء- ألفوا الإسلام ليوفروا وحدة وعمقًا للأمبراطورية التي صنعوها أو صنعها العرب، ألفوا دينا وأختاروا له نبيًا، فنسبوه الى أعدائهم ومنافسيهم، بما أسفر عنه أنهم فقدوا شرعيتهم ودولتهم، إذ جمع العباسيون الناس وثاروا على الأمويين فأعملوا فيهم القتل وأبادوهم فلم يتركوا منهم إلا أميرا واحدا هو عبد الرحمن الذي هرب الى الأندلس في أقصى الأرض! وكان هذا بعد خمسين سنة فقط بعد أن ألف عبد الملك ابن مروان هذا القرآن والدين الذي قضى على مملكته وأباد أحفاده ومحا أسم عائلته. ترى من هو الذي يمكنه أن يؤلف مثل هذه الرواية المفتراة.
أضف أن عبد الملك ابن مروان حكم سنة 65 هجرية، أي بعد 53 سنة هجرية من وفاة الرسول، فهل يظن عاقل أن بمقدور أي أحد، أن يؤلف دينا وينسبه لرسول عاش منذ خمسين أو ستين سنة، ويمرره على الناس الذين عاصر كثير منهم ذلك الزمان وسيتذكر هل ظهر رسول أم لم يظهر.
ومؤخرًا جاء الرد عليهم بمخطوطة قرآن برمنجهام، وبقيتها في باريس، المخطوطة تتكون من صفحتين تبين باختبار الإشعاع الكربوني أنهما يعودان الى زمن النبي صلى الله عليه وسلم، أو الخلفاء الراشدين على أقل تقدير، لا زمان الأمويين، بل زمان الرسول والخلفاء الراشدين، ولو نظرت في صور الصفحتين، تجد صفحة تحتوي الآيات 17-31 من سورة الكهف، وصفحة تحتوي الآيات 91 – 98 من سورة مريم وتلاها 13 آية من سورة طه. وتجد أن الآيات تتطابق كلمة كلمة بل وحرف حرف، مع القرآن الذي بين أيدينا اليوم. ويقول هؤلء المدعون أن القرآن بدء تجميعه زمن عبد الملك ابن مروان مائة سنة بعد التاريخ الذي حدده إختبار الإشعاع الكربوني. لقد حيرهم هذا القرآن وقوة إيمان المسلمين به، وحيرهم ظهور هذا الدين العظيم والقرآن المعجز من بطن الصحراء فجأة وبدون أي مقدمات، حمله المسلمون وخرجوا من صحرائهم فهزموا القوتين العظيمتين الروم والفرس بعد أن كانتا تسيطران على العالم لألف عام سبقت، وأسسوا لحضارة إسلامية أمتدت من المحيط الأطلسي حتى أطراف الصين، كل هذا حدث في سنوات قليلة فبدا كأنه طفرة ليس لها مثيل في التاريخ البشري. حيرهم هذا فما فتأوا يحاولون النيل من الإسلام ومن القرآن، ولن يستطيعوا لا هم ولا غيرهم، لأنه أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض.
والآن وبعد أن فندنا الإدعاءات ورددنا عليها، يتبقى لنا أن نذكركم بأن الرد القرآني على كل هذه الإتهامات الكثيرة والمختلفة التي ذكرناها حتى الآن، نجده في الآيات التالية:
{قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88)} الإسراء مكية
في قوله تعالى:{ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (13)} سورة هود مكية
وقوله تعالى {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآَنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (37) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38)} يونس مكية
وفي قوله تعالى {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23)} سورة البقرة أول سور التنزيل المدني.
في هذه الآيات 3 منها مكية وآية واحدة مدنية، تحداهم القرآن والمسلمين ضعفاء في مكة، ثم تحداهم في المدينة والمسلمين يحيط بهم اليهود بعلومهم وتوراتهم.
وسورة يونس المكية، التي جاء فيها التحدى أن يأتوا بسورة واحدة من مثله، كان قد نزل قبلها 50 سورة كلهم قصار فيما عدا سورة الأعراف، أي كان يمكنهم أن يأتوا بسورة من بضعة آيات أسوة بأغلب السور التي كانت بين أيديهم في ذلك الوقت. ثم تكررت الدعوة في سورة البقرة التي نزلت في المدينة، وليس عندنا في المدينة مشركي مكة وإنما منافقين ويهود وكفار، وهؤلاء كان معهم اليهود الذين معهم التوراة، ولو كان القرآن منقولا عن التوراة لسهل عليهم أن يأتوا بمثله.
إن تحدي المشركين والكفار وغيرهم من اليهود وربما النصارى، أنه إذا كانوا يقولون أن مصدر القرآن بشر من عجم أو يهود أو نصارى أو غيرهم، أو أن محمد أفتراه، أي ألفه من عند نفسه، فكما ألف محمد أو نقل، فألفوا وإنقلوا مثله أن كنتم صادقين، فكما تقولون يُملى على محمد فليملي هؤلاء على أي منكم وليأتي هذا بمثل ما أوتي محمد.
وهذا صحيح، لماذا لم يؤلفوا مثله؟ لم يستطع الكفار المشركين وغيرهم من أهل الكتاب أن يأتوا بمثل سورة منه، سورة واحدة فقط، ليس عشرة وليس كله. لا تستمعوا لمن يقولون اليوم أن هذا التحدى لا معنى له، وأنهم إن يأتوا بشيء مثله فهو هو، لأنه لو إختلف فليس مثله، هذا كله لغوٌ يقصد به البلبلة والتشكيك وليس فيه شيء من الصحة، التحدي واضح، تقولون أنه بشري المصدر، وأنه أساطير الأولين، وأنه منقول عن كتب الآخرين، وتقولون أنما يعلمه بشر، وتقولون وتقولون، فإن كان، قولوا مثل سورة واحدة من أكثر من مائة سورة يتضمنها هذا القرآن. سورة واحدة فقط. نعلم أن زعماء قريش وأثرياءها كانوا يعادون هذا الدين، ولم يوفروا مالا أو جهدًا ليقضوا عليه، وكانت هذه فرصتهم.
ولو نظرنا من الجهة الأخرى، لو كان الرسول إفتراه كما يدعون، فهل كان ليخاطر بمثل هذا التحدي وهو يعرف أنهم سيستطيعون كما استطاع هو!! بل ولو كنتم مكانه، وأنتم من ألف القرآن، لخشيتم أن هؤلاء بإمكانياتهم وأموالهم ومصادرهم سوف يأتون بمثله إن لم يكن بأحسن منه. ولابد أن المشركين تكتلوا ووفروا المال والخبرة والعلم والأدباء وتآمروا مع اليهود -كما فعلوا في الإختبار الذي أدى الى نزول سورة الكهف – كانت هذه فرصتهم لأنهم لو قالوا مثله لربحوا التحدى ولقضوا على هذا الدين الذي يهدد آلهتهم وإستقرارهم السياسي والإقتصادي ومكانتهم بين القبائل. أليس هذا ما كانوا يهدفون إليه حتى أخرجوا المسلمين في هجرة الحبشة الأولى ثم الثانية ثم أخرجوا الرسول والمؤمنين من ديارهم تاركين خلفهم أهلهم وأموالهم وبيوتهم. كانت هذه فرصتهم ولا بد أنهم حاولوا، لا تدعوا أحد يقلل من أهمية هذا التحدي، الذي لم يكن ليطلقه مُدعي في فترة ضعفه وهوانه. ولا بد أن المشركين حاولوا وفشلوا، لماذا، لأن القرآن ليس فقط قصص الأنبياء والحضارات التي بادت، وليس فقط شرائعهم وعقائدهم، بل يقدم مفاهيم جديدة حديثة في زمانها، رسمت خطوطا عريضة لهداية البشر في أمور معاشهم وفي العبادات والشرائع، وفي علوم الإجتماع والإقتصاد والقانون، وفي العلوم الكونية بما فيها الخلق والظواهر الطبيعية، وعلوم الغيب والحساب والجنة والنار. بالإضافة الى أنه كتاب هدى وتوجيه. وجاء أيضًا ليخرج أهل الأنجيل مما هم فيه من إختلاف في طبيعة المسيح وليحسم النقاش الذي كان دائرًا في محافلهم في الستمائة سنة التي سبقت البعث.
وكما سبق أن قلنا، أن القرآن لا يشبه أي من كتب الأديان التي سبقته، ولو كان منقولا عنها لإتبع أسلوبها وترتيبها، ولكنه جاء فريدا يختلف عن كل الكتب السماوية والبشرية التي سبقته.
وفي قوله تعالى {فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ (14)} سورة هود مكية. أنظر منطقية وسلاسة وهدوء هذا الرد.
وقوله تعالى: {فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا …………………} (24)} سورة البقرة مدنية، ما حسم به الله تعالى هذا التحدى وجزم أنهم لن يستطيعوا أن يأتوا بسورة واحدة من مثله، ولم يكرر عرض التحدى بعد هذه الآية. وسنرى أيضًا فيما بعد في هذا البحث، لماذا هذا القرآن فريد معجز يفوق قدرات البشر، وفي هذا أيضًا الرد القاطع على كل ما يأتون به من شبهات واهية.
لو عدنا إلى قصص الأنبياء كمثال لما يدعيه البعض عن أخذ القرآن عمن سبقه. ورد ذكر سيدنا إبراهيم وسيدنا موسى في عشرات السور. في كل سورة جزء مكملا أو سابقًا أو مكررًا، واستمر خلال التنزيلين المكي والمدني، فهل كان الأعجمي أو غيره يسرد القصة على أجزاء في حلقات استمرت لعشرين سنة، في كل حلقة يسرد أجزاء من القصة بعضها سابق وبعضها لاحق، ولو حدث لتناقضت الرواية واختلفت مع ما ذكر منها سابقًا! أنظر قوله تعالى{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} النساء (82) .
قلنا جاء ذكر سيدنا أبراهيم وموسى عليهما السلام في عشرات السور، وكذلك قصة آدم، بينما سردت قصة يوسف كاملة في سورة واحدة، ليبين القرآن القدرة على سرد أي قصة مرة واحدة، بينما جُزأت قصتي إبراهيم وموسى ليناسب كل مقطع منها أحوال ومتطلبات المسلمين الأوائل في ذلك الزمن.
فلو كان لدى الرسول كتاب -وهو في الأغلب أمي لا يقرأ ولا يكتب- أو كان هناك من يُملي عليه فهل كان ليجزء القصص مع إمكانية أن يقص القصة كاملة كما حدث في قصة سيدنا يوسف. وهل لو كان جّزء الرواية وكرر أحداثها، أكان يستطيع هذا الراوي أن يحافظ على صحة الأجزاء وعدم تعارض بعضها البعض وأن لا يخطء في الترتيب وفي التفصيل ونحن نتحدث عن مدة زمنية بلغت 23 سنة، لا يُدرى أيعيش الراوي أو يموت أو يرحل. فلا تكتمل القصة أو الموضوع. بالطبع لا، فالذي ينقل ينقل مرة واحدة وإلا فالخطء والتعارض والإختلاف وارد.
لقد نزل القرآن منجما، على أجزاء طوال 23 سنة، فلو قال قائل أنه جُزء لأن الرسول وصلته القصص على أجزاء، فكان كلما عرف جزء أضافه في وقته، نرد أن الأجزاء فيها ما كان مكملا يسرد أجزاء جديدة من القصة، وفيها ما هو مكررًا تكرر لأنه يذّكر المسلمين بهذا الجزء الذي يكون له علاقة بحالهم ووضعهم في ذاك الزمان، أي يصبرهم ويشجعهم ويعظهم، ولو شاء الله لسرد القصة كاملة مرة واحدة كما في قصة يوسف التي رويت كاملة بتفاصيلها، ليبين أنه لو شاء الله لقص كل القصص مثل قصة يوسف، ولكن شاء الله أن ينزل القرآن منجمًا ليثبت به الرسول والمسلمين. وكما ذكرنا لو كان الذي يجزأ القصة ويكرر الأحداث بشرا لأخطأ في التفاصيل أو الترتيب وهذا لم يحدث.
وقبل أن نترك اليهود والنصارى، أضيف أن القرآن يختلف مع اليهود في أنه يصدق نبوة المسيح وهم ينكرونها، ويختلف مع المسيحيين في بنوة وألوهية وصلب عيسى ابن مريم، وهم يؤلهوه ويعبدوه. فأين النقل والإختلاف بين.