العـمـل
جاء في مقال الدكتور مشعل دخيل المشعل في مجلة البنوك الإسلامية: يعرّف الخطيب العمل بأنه: الجهد الذي يبذله الإنسان لتحوير وتبديل طبيعة أو استخدام شيء ما. هذا العمل قد يكون جسديا ويعتمد على القوة العضلية مثل عمل المزارع في الحقل , أو ذهنيا بالدرجة الأولى مثل عمل مراجع الحسابات أو الكاتب, وقد يكون الجهد خليطا من الاثين الجسدي والعقلي ومثال ذلك عمل الطبيب الجراح.
ويعرف المصري العمل بأنه مجموع الجهد الإنساني عقلي أو بدني أو كلاهما لخلق منفعة اقتصادية أو لزيادة قيمة شيء موجود أصلاً .ويعرف الشرباصي العمل في قاموسه بأنه خلق الشيء . (عدد69ص56)
فالعمل المنتج هو جهد إنساني – عقلي بالدرجة الأولى- وقد يستخدم فيه القوة العضلية وما سبق خلقه بجهد إنساني من امتدادات للقوة العضلية والقوة العقلية – وينتج عنه تبديل لحال الأشياء المخلوقة أو إضافة لموجود.
فالنجار يبدل بعمله الخشب إلى منضدة، والحفار يبدل حال الأرض؛ فيخفض جزءاً منها فيرتفع جزء آخر؛ فالعمل لا ينقص ولا يزيد شيئاً في هذا الكون؛ فهذه سنة الله سبحانه وتعالى في كونه، لا شيء ينفى وإنماء يتحول من صورة إلى أخرى، إلا أن العمل المنتج يخرج المنافع المكنونة في الأشياء بتبديل حالها أو تبديلها وتجميعها، أو أن يكون العمل ذاته مقصوداً كالخدمات أو الفنون التي تضيف إلى سعادة الآخرين.
وحتى الآلة التي تعمل بالعقل الالكتروني بدون سائق تحتاج إلى من يبرمجها على العمل، ولا يخلو عمل من القدرتين العقلية والبدنية، وإن أمكن تقليل الأخيرة إلى الحد الأدنى لها.
وليس في قدرة العمل أو الفكر الإنساني خلق شيء جديد؛ فالخلق يستوجب أن يوجد الشيء من لا شئ. وهذا من صفات الله سبحانه وتعالى وحده، وما يقصد من الخلق هنا إنما هو تبديل طبيعة الأشياء؛ فيصنع شيئاً جديداً من الطبيعية المخلوقة، والتي سخرها الله للإنسان، والإنسان يقدر على استخراج المنفعة المكنونة أو استخدام الموارد والقوانين الطبيعية لما فيه منفعته، ومن صفات الكون الثبوت الكلي والتغير الجزئي الدائم، فكل زيادة يقابلها نقصان، وأنعم الله على الأرض فكانت تأخذ في هذا الكون ولا تعطي، تأخذ من الشمس طاقة مستمرة بقدر. وكان من صفات الأشياء التغير، منها ما تحسبه جامداً وهو متغيراً بمعدل بطئ، ومنها ما يتغير كل يوم، وله دورة من الوجود إلى النماء إلى الأُفول، ومنها ما يكون نماؤه طبيعي، ومنها ما يحتاج إلى بذل الجهد والعمل، وإنماء الأشياء من عمارة الأرض إلى الزراعة إلى نماء المال بكل صوره وغيرهم، هو ما يتحصل بالعمل المنتج.
وقد حلل الإسلام لمالك المال الحق في إنماء ماله، سواء كان هذا النماء طبيعياً أو ناتجاً عن العمل، فإن كان النماء طبيعياً… كان له كل نمائه بالضمان، أي بتحمله وحده النتيجة المترتبة عن هذا الإستثمار؛ فإن هلك المال فعليه وإن نما فله، أما إذا كان النماء لا يتحصل إلا بالعمل، فإن عمل الرجل في ماله فنما استحق نماء ماله لقاء المال والعمل الذي قام به بنفسه، وإذا دفع المال لغيره ليعمل فيه مضاربة… اقتسما النماء الذي حصل بالمال والعمل، ويكون كسب كل منهما حلالاً ؛ لأنه نظير عوض، هذا لقاء ماله الذي نما وبالضمان أي بتحمله الخسارة إذا اصاب المال وضيعة؛ وذاك لقاء العمل… فإن دفع له أجراً صار أجيراً، فلا يطيب لمن أخذ الأجر الربح فوق ما أخذ من الأجر إذا كان الربح دون عوض.
والعمل الإنساني قد يصدر عن العامل وحده، وقد يصدر عن العامل وما يملكه فيشمل قدرته الفكرية والبدنية، وقدرة الآلة المضافة إلى قدرته العضلية، أو قدرة الكمبيوتر المضافة إلى قدرته العقلية، أو كل هذه القدرات معاً؛ مما يمكن أن نطلق عليه قدراته الممدتة.
وليس الإنسان وحده الذي يعمل، فالآلة تعمل والكمبيوتر يعمل، وكل منفعة تقاس على العمل إن استحقت الأجر؛ فالعمل والمنفعة يلتقيان في أن كلاً منهما يمكن أن يكون العوض فيه هو الأجر، أو المشاركة في النماء إن اجتمعا في عامل وآلة ونتج عنهما إنماء مال.
فإن ضارب العامل فإنه إما يضارب بفكره فقط، أو بفكره وقوة بدنه، أو بقدراته الممتدة الشاملة لما يملكه من أعيان لها منافع.
عمل المضارب في عقد المضاربة
عامل المضاربة هو من يملك القدرة على القيام بأعمال أغلب الظن أن ينتج عنها نماء رأس المال النقدي، ويكون من أثر هذا العمل تبديل المال من حال إلى حال أكثر من مرة حتى يعود إلى حالته الأولى… فإن كثر عما كان عليه فيكون نما، وإن قل يكون قد أصابته وضيعة، وقد فصل الفقهاء هذه الأعمال – وهم قد حصروا المضاربة في التجارة – كما يلي:
ما يقوم به المضارب من عمل، وما له، وما عليه يكون بما جرت به عادة التجار.
جاء في الفقه الحنفي في المبسوط: وله أن يستأجر معه الأجراء يشترون ويبيعون، ويستأجرون البيوت والدواب للأمتعة التي يشتريها، لأن ذلك من صنع التجار، فالمضارب لا يستغني عن ذلك في تحصيل الربح، وللمنافع حكم المال عند العقد، والإجارة والاستئجار تجارة من حيث أنه مبادلة مال بمال.
جاء في بدائع الصنائع (جزء 6 ص 88): ”وله أن يستأجر من يعمل في المال لأنه من عادة التجارة وضرورات التجارة أيضاً لأن الإنسان قد لا يتمكن من جميع الأعمال بنفسه فيحتاج إلى الأجير وله أن يستأجر السفن والدواب للحمل لأن الحمل من مكان إلى مكان طريق يحصل الربح ولا يمكنه النقل بنفسه“.
وجاء مثله الفقه الشافعي في مغني المحتاج من أن العامل يتولى ما جرت العادة أن يتولاه بنفسه كنشر الثياب وطيها وذرعها، وان ما يلزمه من العمل يقوم به بنفسه،
وما لا يلزمه يستأجر عليه من مال القراض.
وجاء في الفقه المالكي في الدردير الكبير: وعليه أي العامل ما جرت العادة أن يتولاه كالنشر والطي الخفيفين، وعليه الأجر في ماله ان استأجر على ذلك، لا في مال القراض ولا في ربحه. وإلى هذا ذهب كل من الحنابلة والإمامة والزيدية.
وجاء عند الحنابلة في المغني لابن قدامة (جزء 5 ص 56): ”وعلى العامل أن يتولى بنفسه كل ما جرت العادة أن يتولاه المضارب بنفسه، من نشر الثوب وطيه وعرضه على المشتري ومساومته وعقد البيع معه، وأخذ الثمن وانتقاده، وشد الكيس، وختمه وأحرازه في الصندوق ونحو ذلك. ولا أجر له عليه، لأنه مستحق للربح في مقابلته، فإن استأجر من يفعل ذلك فالأجر عليه خاصة. لأن العمل عليه فأما ما لا يليه العامل في العادة، مثل النداء على المتاع ونقله إلى الخان فليس على العامل عمله، وله أن يكتري من يعمله. نص عليه أحمد. لأن العمل في المضاربة غير مشروط لمشقة اشتراطه، فرجع فيه إلى العرف. فإن فعل العامل ما لا يلزمه فعله متبرعاً فلا أجر له، وإن فعله ليأخذ عليه أجراً فلا شيء له أيضاً في المنصوص عند أحمد، وخرج أصحابنا وجهاً: أن له الأجر بناء على الشريك إذا انفرد بعمل لا يلزمه، هل له أجر لذلك؟ على روايتين. وهذا مثله، والصحيح: أنه لا شيء له في الموضعين. لأنه عمل في مال غيره عملاً لم يجعل له في مقابلته شيء فلم يستحق شيئاً كالأجنبي“.
وجاء في فقه الشيعة الإمامية في شرائع الأسلام (جزء 5 ص137): ”أن العامل إذا أذن له رب المال في التصرف تولى باطلاق الاذن كل ما يتولاه المالك من عرض القماش والنشر والطي وإحراز المال، وقبض ثمنه، كما يقوم بإيداع المال واستئجار من جرت العادة كالدلال والوزان عملا بالعرف“.
وجاء في فقه الشيعة الزيدية في الروض النضير (جزء 3 ص 646): ”أن للعامل أن ينفق من مال القراض ما يحتاج إليه المال من كراء أو جباء وأجرة دلال وغير ذلك مما تتطلبه التجارة ويقضي العرف به“.
فالعامل إذا استلم رأس مال المضاربة… تصرف فيما يتصرف فيه التجار عادة، فله أن يشتري به البضاعة التي يرى الخير في المتاجرة بها، وله أن يستأجر العمال والمخازن ووسائل النقل وكل ما تحتاجه التجارة وما يتم به نجاحها. أما ما جرت العادة أن يتولاه بنفسه… فعليه أن يقوم به بنفسه، وليس له أن يستأجر لذلك الأجير، وذلك كاستلام البضاعة وعرضها وتنظيمها وبيعها وتصديرها، وتحرير العقود وإيداع الأموال وغيرها مما جرت عليه العادة. فإذا استأجر لهذه الأعمال عاملا، وكان بوسعه أن يقوم بها بنفسه، لزمته الأجرة من ماله الخاص، أما ما لا يلزمه من العمل… كان له أن يستأجر عليه من مال المضاربة، وقد اتفق الفقهاء السابقون على هذا.
وقد وصف الفقهاء هذه الأعمال من باب التوضيح لا الحصر وحددوها بكل ما جرت العادة عليه، وجاء في وصفهم ما يلي: نشر الثياب وطيها وذرعها وعرضها على المشتري ومساومته وعقد البيع معه، وأخذ الثمن وانتقاده وشد الكيس وإحرازه في الصندوق وإيداع الأموال ونحو ذلك، وكل ما جرت العادة أن يتولاه المضارب بنفسه، وأن ما يلزمه من العمل يقوم به بنفسه، وإن استأجر على ذلك يكون عليه الأجر في ماله، لا في مال القراض ولا في ربح القراض.
ووصف الفقهاء أيضاً ما يحق له أن يستأجر، أو يستأجر عليه من مال المضاربة، من باب التوضيح أيضاً لا من باب الحصر: الإجراء ممن يشترون ويبيعون، والبيوت والدواب والسفن، والدلال والوزان وغير ذلك مما لا يلزمه من العمل، أو لا يمكنه بنفسه، وتتطلبه التجارة ويقضي به العرف.
ومن الواضح أن الأعمال التي على المضارب أن يقوم بها بنفسه، هي ما جرت العادة عليه، و ما يلزمه من العمل، وهذا يعني أن على المضارب أن يقوم بنفسه بالأعمال التي جرى العرف أن يقوم بها التاجر ويقدر أن يقوم بها بنفسه، وأن يقوم بنفسه أيضاً بالأعمال التي اتفقا في العقد على أن يقوم هو بها وربما في حدود هذا العرف. وهو إن استأجر من يقوم على أي من هذه الأعمال … يكون الأجر في ماله وليس في مال المضاربة أو ربحها، أي إن مسؤولية هذه الأعمال تقع على عاتقه وحده والعوض له عليها من ربحه؛ أي من ربح العمل.
ومن عادة التجار العاملين في سوق معينة أن يكون لهم متجر وربما ناقلة ومخازن، وقد تكون المضاربة مع شركة تجارية تملك متاجر متعددة وسيارات ومخازن، وقد نتج عن امتلاكها هذه الأعيان زيادة قدرتها على التجارة الناجحة فتوجه إليها أرباب الأموال.
وما جاء عن الفقهاء فيما سبق، بما يتعلق بمبادلات بين العامل وطرف أجنبي عن العقد، ولم يصرح إذا كانت الأجرة على العمل أو المحل أو وسيلة النقل تجوز لأحد طرفي المضاربة، من صاحب مال أو عامل، ونعلم من مضاربة الرسول صلى الله عليه وسلم بمال السيدة خديجة رضي الله عنها، أنها أرسلت معه غلامها ميسرة ليساعده، وقد نجزم أنها لم تأخذ من مال المضاربة أو الربح أجر عمل ميسرة. وكما ورد في المضاربة… فإن رب المال يجوز له المساعدة برضى العامل من قبيل الإعانة، رب المال قد يدفع بآلة أو بمتجر أو بعماله تطوعاً؛ فإن طلب أجر المثل… كان هذا اشتراطاً على المضارب قد تفسد معه المضاربة، وعوض رب المال عما دفع إلى المضارب يكون في الربح، فلهما أن يتفقا على نسب توزيع الربح بينهما، فإن دفع رب المال مساعده أو داراً أو آلة وكانت للمضارب حاجة لها وقبل بها؛ يكون لرب المال من الربح أكثر مما يكون له، لو لم يدفع سوى رأس المال… فإن تطوع فالربح سيكثر على أي حال لتطوعه.
جاء في بدائع الصنائع (جزء 6 ص 86): ”روى المعلى عن أبى يوسف في رجل دفع مالا إلى رجل مضاربة على أن يبيع في دار رب المال أو على أن يبيع في دار المضارب كان جائزاً، ولو شرطا أن يسكن المضارب دار رب المال أو يسكن رب المال دار المضارب فهذا لا يجوز، لأنه إذا شرط البيع في أحد الدارين فإنما خص البيع بمكان دون مكان ولم يعقد على منافع الدار“.
وجاء في المغني لابن قدامة (جزء 5 ص 56): ”ولو استأجر أحد الشريكين من صاحبه داراً ليحرز فيها مال الشركة أو غرائر جاز. نص عليه أحمد في رواية صالح، وإن استأجره لنقل الطعام أو غلامه أو دابته ففيه روايتان. إحداهما الجواز لأن ما جاز أن يستأجر له غير الحيوان جاز أن يستأجر له الحيوان كمال الأجنبي. والأخرى لا يجوز لأن هذه لا تجب الأجرة فيه إلا بالعمل، ولا يمكن ايفاء العمل في المشترك، لأن نصيب المستأجر غير متميز من نصيب المؤجر، فإذاً لا تجب الأجرة، والدار والغرائر لا يعتبر فيهما إيقاع العمل إنما توجب الأجرة بوضع العين في الدار فيمكن تسليم المعقود عليه“.
وجاء في نفس المرجع السابق في باب المساقاة ص 404: ”وإن شرط العامل أن أجر الأجراء الذين يحتاج إلى الإستعانة بهم من الثمرة وقدر الأجرة لم يصح لأن العمل عليه فإذا شرط أجره من المال لم يصح كما لو شرط لنفسه أجر عمله وإن لم يقدره فسد لذلك ولأنه مجهول. ويفارق هذا ما إذا اشترط المضارب أجر ما يحتاج إليهم من الحمالين ونحوهم، لأن ذلك لا يلزم العامل فكان على المال، ولو شرط أجر ما يلزمه عمله بنفسه لم يصح كمسألتنا“.
ولو نظرنا إلى العامل الذي يمتلك دابة أو وسيلة نقل أو دكاناً ودور ومخازن، ويريد استعمالها بدلاً من أن يستأجر من طرف أجنبي، فهذه يمكن تصور عوض منافعها كرأس مال مشارك به، أو كأجرة أو كنصيب من النماء.
أولاً – عوض المنافع كرأس مال مشارك به:
ما تقدمه هذه الأشياء إلى المضاربة منافع، والمنافع لا تصلح أن تكون رأس مال، إلا أن تكون مشاركة منافع. والمضاربة فيها رأس مال مدفوع، ولا تصلح مشاركة المال مع المنافع كرأس مال؛ لأن رأس المال يمكن أن ينقص، بينما تبقى أعيان هذه المنافع على حالها، وخسارتها محدودة بما يستهلك منها، وإن قيل إن المشاركة في رأس المال تكون في هذا القدر، يصعب تحديد قيمة هذا القدر وقت التعاقد، إلا أن تحدد بأجر المثل، وأجر المثل فيه ربح ولا تصح لأحدهما أن ينال شيئاً من الربح قبل القمسة.
والأجر لقاء منفعة غير موجودة وقت التعاقد، ويشترط استيفاؤها لتستحق الأجرة، والأجرة لا تملك بعقد الإجارة عند الأحناف، قال أبو حنيفة ومالك رضي الله
عنها: ”أنها تجب جزءاً جزءاً بحسب ما يقبض من المنافع“.
والاجارة عقد يشترط فيه معرفة المنفعة وبيان مدتها أو العمل المطلوب وتكون إما بشرط تجصيل الغاية المقصودة، وإما بضرب الأجل، وهذا لا يتحقق في عقد المضاربة لأن العمل في المضاربة مجهول وقت التعاقد وليس مقصوداً لذاته، والغاية في المضاربة هي نماء المال، وهذا مجهول أيضاً.
والاجارة عقد لازم عند الجمهور – إلا الأحناف – وليس لأحد الطرفين فسخها، والمضاربة عقد غير لازم، وليس من المنطق الصحيح الجمع بين عقد غير لازم وعقد لازم.
ولكل ما سبق… لا يصح أن تكون المنافع رأس مال للمضاربة.
ثانياً- عوض المنافع كأجرة في عقد إجارة:
الإجارة هي عقد بيع منفعة، وقد أشرنا في المضاربة إلى شراء العامل من مال المضاربة، والمضارب وكيل، البيع وجه خأخرأ×رأ×رأخر للشراء، وكما جاء في فقه السنة عن شراء الوكيل من نفسه لنفسه (جزء 3 ص 230): ”وإذا وكل في بيع شيء هل يجوز له أن يشتريه لنفسه؟ قال مالك: للوكيل أن يشتري من نفسه لنفسه بزيادة في الثمن. وقال أبو حنيفة والشافعي وأحمد في أظهر روايتيه لا يصح شراء الوكيل من نفسه لنفسه، لآن الإنسان حريص بطبعه على أن يشتري لنفسه رخيصاً، وغرض الموكل الاجتهاد في الزيادة وبين الغرضين مضادة“.
وهي إن كانت أجرة، تستوفى من مال المضاربة أثناء العمل، فيكون العقد إما بين المضاربة – ككيان منفصل له شخصية إعتبارية – والعامل، أو بين رب المال والعامل، والأغلب ألا تصح في الحالتين لما يلي:
أ- إذا كان عقد الاجارة بين المضاربة والعامل… فإنه يشترط فيه الايجاب والقبول، وهذا يدور بين الوكيل- له مطلق الحرية في التصرف – ونفسه، فلا يصح، جاء في كتاب ضوابط العقود للدكتور عبد الحميد البعلي (ص107-108):
”الأصل في العقود التي لا تتم إلا بتوافق إرادتين أن يتعدد العاقد. ويضيف الدكتور البعلي: أما ما عدا عقد النكاح من عقود المبادلة التي لا تنعقد إلا بتوافق إرادتين فالاًصل فيها كما سبق تعدد العاقدين لأن الحقوق فيها ترجع إلى العاقد سواء أكان يعقد بالأصالة أم بالنيابة وهي حقوق متقابلة في زمان واحد والقول بغير ذلك يؤدي إلى أن يكون الشخص الواحد في زمان واحد مسلماً ومتسلما وطالبا ومطالبا وهذا محال، ولذا لا يصح أن يكون الشخص الواحد وكيلاً من الجانبين في البيع وشباهه، ويصلح رسولاً لأن الرسول لا تلزمه الحقوق، وكذلك يصح أن يتناول القاضي العقد من الجانبين لأن الحقوق لا ترجع إليه. ويضيف الدكتور البعلي استثناء الفقهاء شراء الأب مال ولده لنفسه وبيع ماله من ولده، والوصي المختار من الأب أو الجد إذا عقد لنفسه من مال اليتيم إذا كان فيه نفع ظاهر وإلا فلا ومنعه محمد من الحنفية لأن القياس يمنع ذلك“.
ب- وبفرض أن الإتفاق على عقد الاجارة يتم بين رب المال والعامل… فمن طبيعة الإتفاق توفر الإرادة الحرة والقدر على المساومة، بينما لا يحق لرب مال المضاربة التدخل في قرار العامل، سواء أكان في وصف العمل أو تحديد المنفعة أو الغاية أو بيان المدة. والعامل له مصلحة في زيادة الأجر كمؤجر، وله أيضاً مصلحة في انقاصه كمضارب ليزيد ربح المضاربة الذي له فيه نصيب، وفي هذا تضاد مصالح. بينما رب المال مصلحته في تقليل الأجر، لزيادة ربح المضاربة من جهة، وخوفاً من هلاك ماله من جهة أخرى، وهو في الأغلب لا يملك خبرة المفاوضة والاستئجار، وبدفعه المال مضاربة… قد أسلم هذه الأمور إلى العامل معترفاً بحذقه ومهارته.
فإن اتفقا على الأجر… فسيكون نظير المدة لأن العمل مجهول، فيكون كذا في الشهر أو في اليوم. وعقد الاجارة وهو عقد بيع منافع، ومن طبيعته تأجيل استيفاء المنفعة لأنها تتحقق خلال مدة العقد، ويشترط لاستحقاق الأجر استيفاء المنفعة أو تسليم العين مشتملة على المنفعة، فيكون على رب المال- الطرف المستأجر- استيفاء المنفعة، وهذا سيعطيه حق الإشراف للتأكد من الحصول على المنافع، وهذا لا يجوز في عقد المضاربة وقد يؤدي إلى النزاع.
وهو إن رأى أن يستأجر غيرها مما هو أقل منها تكلفة يكون هذا تدخلاً في عمل المضارب لا يصح منه في عقد المضاربة، وماذا لو كانت العين المستأحرة مشتركة مع الغير كجزء من متجر، لا ينضبط الأجر فيه إلا بتحقق الغاية، ورب المال لا مقصد له إلا النماء، فإن حددا الغاية… فالعامل من يقرر تحققها إلا أن تكون في النماء.
ج- وفي الأجر ربح للعامل، ولا يحق لأحدهما أن ينال ربحاً من المضاربة قبل القسمة، وقد يكثر ما يؤجره العامل للمضاربة ويكثر ربحه منه؛ فيعادل أو تفوق أهميته للعامل أهمية ربح المضاربة عنده، فيقل الدافع لديه لتحقيق أعلى ربح للمضاربة. وهو أن أستأجر من نفسه… فإنه قد يتغاضى عن بعض العيوب التي قد تبطأ العمل والتي قد تظهر فيما استأجر، كوسيلة النقل أو الدابة.
ومنع أو كره الإمام مالك اجتماع القراض والإجارة؛ مما يمكن الاستدلال عليه في ما جاء في كتاب فقه المضاربة(ص57) للدكتور علي حسن عبد القادر عن كتاب الإستذكار، للإمام ابن عبد البر: قال مالك: ”لا ينبغي لصاحب المال أن يشترط لنفسه شيئاً من الربح دون العامل، ولا ينبغي للعامل أن يشترط لنفسه شيئاً من الربح دون صاحبه، ولا يكون مع القراض بيع ولا إكراء ولا عمل ولا سلف ولا مرفق يشترطه أحدهما لنفسه دون صاحبه، إلا أن يعين أحدهما صاحبه على غير شرط على وجه المعروف إذا صح ذلك منهما، ولا ينبغي للمتقارضين أن يشترط أحدهما على صاحبه زيادة من ذهب ولا فضة ولا طعام ولا شيء من الأشياء يزداد أحداهما على صاحبه، فإن دخل القراض شيء من ذلك صار اجارة ولا تصلح الاجارة إلا بشيء ثابت معلوم، ولا ينبغي للذي أخذ المال أن يشترط مع أخذه المال أن يكافئ أو يولي من سلعته أحدا ولا يتولى منها شيئاً لنفسه“.
ويقول السرخسي في المبسوط (جزء 22 ص 149): ”وإذا دفع إلى رجل ألف درهم مضاربة بالنصف على أن للمضارب بما عمل في المال أجر عشرة دراهم كل شهر، فهذا شرط فاسد ولا ينبغي له أن يشترط مع الربح أجرا لأنه شريك في المال بحصته من الربح، وكل من كان شريكاً في مال فليس ينبغي له أن يشترط أجرا فيما عمل، لان المضارب يستوجب حصة من الربح على رب المال بإعتبار عمله له، فلا يجوز أن يستوجب بإعتبار عمله أيضاً أجراً مسمى عليه، إذ يلزم عوضان لسلامة عمل واحد له. وإن اعتبرنا معنى الشركة في المضاربة كان رأس مال المضاربة عمله ورأس ماله، فلا يجوز أن يستوجب بإعتبار عمله على رب المال أجراً، فإن عمل على هذا الشرط فربح فالربح على ما اشترطا ولا أجر للمضارب في ذلك، لانه ما سلم عمله بحكم الاجارة على رب المال، والمضاربة شركة والشركة ولا تبطل بالشرط الفاسد إذا كان لا يؤدي ذلك إلى قطع الشركة بينهما في الربح بعد حصوله“.
ويضيف السرخسي في ص 150: ”ولذلك إذا شرط ذلك الأجر لعبد له يعمل معه في المضاربة أو لبيت يشتري فيه ويبيع، فالربح على ما اشترطا ولا أجر لعبد المضارب ولا لبيته، لان المشروط للبيت مشروط للمضارب وعليه حفظ مال المضاربة في بيته ولا يجوز أن يستوجب على ذلك أجرا، ولهذا لا يجوز استئجار المرتهن على حفظ المرهون، وعبد المضارب الذي لا دين عليه كسبه لمولاه فالمشروط له من الأجر كالمشروط للمضارب. ولو كان العبد الذي اشترط له الأجر عليه دين أو كان مكاتب المضارب أو ولده أو والده فهو جائز على ما اشترطا، وللذي عمل بالمال مع المضارب من هؤلاء عشرة دراهم كل شهر على ما اشترطا لانه من كسب هؤلاء كالأجنبي وله أن يستأجرهم للعمل معه، ويكون أجرهم في مال المضاربة، فاشتراط ذلك في المضاربة لا يزيده إلا وكادة. وليس له أن يستأجر عبده الذي لا دين عليه ولا بيته من نفسه ليبيع فيه ويشتري للمضاربة، فكان اشتراط ذلك في العقد شرطاً فاسداً. ولو اشترطا أن يعمل عبد رب المال مع المضارب على أن للعبد أجرا عشرة دراهم كل شهر ما عمل معه، فهذا شرط فاسد لان عبد رب المال إذا لم يكن عليه دين كنفسه، ولو شرط عمل رب المال معه باجر لم يجز ذلك ولا أجر له فيما عمل فكذلك إذا شرط ذلك لعبده أو لأبيه والربح بينهما على الشرط، لأن الشرط الفاسد غير متمكن في صلب العقد بخلاف ما إذا شرط رب المال أن يعمل معه وهو بغير أجر لأن ذلك الشرط يعدم التخلية بين المضارب ورب المال وهنا الشرط لايعدم التخلية فان العبد أجير المضارب ويد الأجير كيده“.
وجاء في مفتاح الكرامة(جزء 7 ص 448): ”ولو استأجر لما يجب عليه مباشرته فالأجرة عليه خاصة. ولو عمل بنفسه ما يستؤجر له عادة لم يستحق أجرة“.
جاء في روضة الطالبين للإمام النووي (جزء 5 ص 135): ”ثم ما عليه أن يتولاه، لو استأجر عليه فالأجرة من ماله، وما ليس عليه أن يتولاه له أن يستأجر عليه من مال القراض. ولو تولاه بنفسه فلا أجرة له“.
وجاء في حواشي تحفة المحتاج بشرح المنهاج (جزء 6 ص 97): ”وما لا يلزمه من العمل له الاستئجار عليه من مال القراض لانه من تتمة التجارة ومصالحها، ولو تولاه بنفسه فلا أجرة له. وما يلزمه عمله إن استؤجر عليه تكون الأجرة من ماله“.
ثالثاً – عوض المنافع كنصيب من النماء:
فكر وعمل عامل المضاربة هو منفعة يقدمها لقاء عوض مجهول، هو نصيبه من ربحها، أي إن منفعة المضارب ومنفعة عمله يقاس عوضهما بجزء من النماء، وليس بالأجر لأن العمل مجهولاً وليس مقصودا في المضاربة وإنما المقصود فيها هو النماء. فإذا قدم أحدهما ألة أو داراً… يمكن أن تقاس قيمتها بمقدار النماء الإضافي الذي تحققه هذه العين في رأس المال، وهذا النماء الإضافي- هو في الحقيقة- قيمة المنفعة مضافاً إليه نسبة نماء رأس المال؛ لأن توفير المنفعة للمضاربة وفر مال المضاربة الذي كان سيدفع للغير لقاء هذ المنفعة فاشترى به بضاعة أكثر ربحت مثل نسبة ربح مال المضاربة؛ أي إن أثر هذه المنفعة كان في شراء أكثر وتبعه ربحه، لآن رب المال لم يدفع أو يضمن هذا الجزء من المال… فلا يجوز له شيئاً منه أو من كسبه، ولأن الشراء تحصل من منافع أعيان العامل وهي مال، والعمل منه… فإن النماء الإضافي كله له.
وهذا يختلف عن بعض مشاركات المنافع التي وردت عند الحنابلة، مثل مشاركة الدابة ومن يعمل عليها والشبكة ومن يصطاد بها، فليس في هذه المشاركات رأس مال نقدي يعاد إلى صاحبه وإنماء يقتسمان الرزق كله بينهما.
ويمكن معرفة نصيب هذه الالة أو الدار من الربح كجزء منه، بإجراء دراسة الجدوى الاقتصادية المقدمة من قبل العامل بعد الاتفاق على بنودها، مرة بإدراج الالة بفرض استئجارها من الغير، ومرة دون احتساب أجر لها، والفرق في الربح يعود لها فيحتسب كجرء من الربح الكلي ويخصص للعامل.
ومما سبق… نجد أن لعقد المضاربة طبيعة خاصة والأسلم أن يكون عوض العامل عن منافع أعيانه كنصيب من الربح لا كأجر ولا كرأس مال. وهذا سيقلل الخلاف لأن محاولة تقدير قيمة منافع هذه الأعيان- بالإضافة إلى ما سبق ذكره- قد يتسبب في كثير من الإختلاف أو الغرر أو الغبن بأحدهما؛ لأن هذا التقدير سواء كان كرأس مال أو كأجر… سيتعين على رب المال دفعه من ماله إن لم تحقق المضاربة ربح، وقد يفوز المضارب من المضاربة بمال بينما يصيب مال المالك وضيعة، وهذا سيدفع رب المال عند التعاقد إلى تخفيض هذا التقدير إلى أقصى حد قد يكون فيه غبن للمضارب المحتاج، وربما قد يعطي الحجة لرب المال أن يمارس نوعاً من الإشراف للتأكد من استيفاء المنافع فتفسد المضاربة أو يلحقها الضرر، وقد يقبل العامل مجبراً هذا الخفض في قيمة منافع أعيانه لحاجته للمال، فإن كان الربح وفيراً… لم يناله العوض الصحيح. أما إذا كان هذا التقدير كجزء من الربح… فلن يتشدد رب المال بنفس الدرجة التي كان سيتشدد بها لو كان سيدفها من ماله، ويتوفر عند العامل الحافز الأقصى لتحقيق الربح والذي منه عوض عمله وعمل أدواته وأعيانه، والحافز من العناصر المهمة التي تقوم عليها فكرة المضاربة.
ونلاحظ أن الفقهاء قد اعتبروا عوض عمل البائع في عقد المرابحة في الربح، جاء في كتاب موقف الشريعة من المصارف الإسلامية المعاصرة، للدكتور عبد الله العبادي(ص190): ”أما ما يرى الفقهاء إضافته إلى رأس المال الأصلي في بيع المرابحة فانهم متفقون على أصل الإضافة لرأس المال من نفقات وإن اختلفو في الشيء الذي يضاف أو لا يضاف.
ويوضح ابن رشد(الحفيد) ذلك. بأن تحصل مذهب مالك في ذلك أن ما ينوب البائع على السلعة زائداً الثمن ينقسم إلى ثلاثة أقسام. قسم يعد أصل الثمن ويكون له حظ من الربح، وقسم لا يعد أصل الثمن ولا يعد من الربح. فاما الذي يحسبه في رأس المال ويجعل له حظ من الربح فهو ما كان مؤثراً في عين السلعة مثل الخياطة والصبغ، وأما الذي يحسبه في رأس المال، ولا يجعل له حظ من الربح فما لا يؤثر في عين السلعة مما لا يمكن للبائع أن يتولاه بنفسه كحمل المتاع من بلد الى بلد وكراء البيوت التي توضع فيها، وأما ما لا يحتسب فيه الأمران جميعاً فما ليس له تأثير في عين السلعة مما يمكن أن يتولاه صاحب السلعة بنفسه كالسمسرة والطي والشد.
كما أوضح النووي أن البائع إذا قال بعت بما قام على انه يدخل فيه مع الثمن أجرة الكيال والدلال والحمال والحارس والقصار والرقاء والصباغ، وقيمة الصبغ وأجرة الختان وتطبين الدار، وسائر المؤن التي تلزم الاسترباح.
وذكر الكاساني ان مما يلحق برأس المال مرابحة أجرة القصار والصباغ والغسال والفتال والخياط، والسمسار وسائق الغنم والكراء“.
ومما سبق نجد أن الفقهاء لم يدرجوا قيمة عمل البائع في رأس المال والذي وفقا لمذهب مالك، يتكون من جزءين:
أصل الثمن؛ وهو ثمن الشراء، وما كان مؤثراً في عين السلعة، ويحسب الربح المتفق عليه على هذا الجزء فقط.
ما لا يؤثر في عين السلعة، ولا يمكن أن يتولاه البائع بنفسه؛ أي يستأجره من الغير أو يستأجر عليه كالنقل والبيوت وغيرهم، وهذا لا يجعل له حظاً من الربح.
ولا شك أن الفقهاء لم يخف عليهم أن لعمل البائع قيمة، إلا أنهم – والله أعلم – قد فضلوا أن يكون العوض عن عمله في الربح الذي سيناله على أصل الثمن، فهم لو جعلوا له أجراً عن عمله يضاف إلى رأس المال… يصبح أجيراً عند المشتري، فلا يحق له الربح، فهو إن حق له الأجر عن عمله وفكره فيكون ربحه زيادة بغير عوض، وهذا يعارض قواعد الاقتصاد الإسلامي. أضف إلى هذا أن المرابحة مبادلة مبنية على الثقة وأمانة البائع، وهو يعرف بالتحديد قيمة ما دفعه إلى الغير، أما قيمة عمله… فهذا يعود إلى تقديره هو، وقد تكتنفه الجهالة، وهذا لا يصح في عقد يفترض الاتفاق فيه على نسبة الربح فقط، والغرر من الأمور الواجب الابتعاد عنها في العقود فلا تتعدى الغرر اليسير إذا لم يكن في الإمكان إنتفاؤه كلية.
ومما سبق… نجد أن الفقهاء – ونلاحظ أن النووي والكاساني، لم يذكرا قيمة عمل البائع في المقتبس من قولهما أعلاه – في الأظهر لم يسمحوا للبائع في عقد المرابحة أن يحسب لنفسه أجرا عن عمله، وجعلوا عوضه عن هذا العمل من الربح.
منافع رب المال:
جاء في المغني (جزء 5 ص 29): ”وإن شرط أن يعمل معه غلام رب المال صح، وهذا ظاهر كلام الشافعي، وقول أكثر أصحابه، ومنعه بعضهم، وهو قول القاضي لأن يد الغلام كيد سيده. وقال أبو الخطاب: فيه وجهان، أحدهما الجواز، لأن عمل الغلام مال سيده، فصح ضمه إليه، كما يصح أن يضم إليه بهيمة يعمل عليها“.
ويتوقع أن يكون نصيب رب المال الذي يدفع مع ماله غلامه ودابته، أكثر من نصيب من لم يدفع سوى ماله، أما القول بأن الربح سيصبح أوفر في الحالة الأولي؛ فينال رب المال الأول أكثر من نفس الجزء… فهذا قد لا يعبر تعبيراً صحيحاً عن حقيقة المعاملة، التي هي من المقابلات.
فلو دفع رجل بألف دينار إلى من يعمل عليها، فاستأجر عاملاً وبهيمةعلى ما لم يلزمه من العمل بمائة، واشترى بتسعمائة، فباع المشتري بألف وثلاثمائة وخمسين أي ربح النصف على ثمن الشراء، وكان الفائض بينهما بالنصف… يكون لكل منهما مائة وخمسة وسبعين.
ولو دفع إليه ألفاً وغلاماً وبهيمة بدون شرط، وكان العامل ليستأجرهما من المال على ما لم يلزمه من العمل؛ فاشترى بالألف، وباع بألف وخمسمائة يكون لكل منهما مائتين وخمسين؛ فيكون العامل قد نال خمسة وسبعين، لا مال له فيها ولا عمل.
فإن قيل إن رب المال تطوع بهذا فالأولى الجواز؛ فإن لم يكن متطوعاً… فله في النماء أكثر من النصف؛ فإن احتسبا- كمسألتنا- يكون له خمسة وستون من المائة في الربح، وللعامل خمسة وثلاثون في المائة منه، ولهما أن يتفقا كما يشاءا إن رغبا في ذلك.
<< previous page | next page >> |