المودع الذي يدفع ماله إلى البنك الإسلامي بغرض الإستثمار يدفعه، وفق مضاربة مطلقة يفوض فيها البنك في التصرف في المال وفق ما يرى فيه المصلحة، ويجب أن يستوفي هذا العقد شروط عقد المضاربة ومنها: تحديد نصيب كل منهما بنسبة مئوية من الربح الذي يتحقق للبنك وليس من ربح المال، لأن البنك قد يضارب مع أخر فيقسّم ربح البنك من المضاربة الثانية، وينص في العقد أن للبنك أن يدفع المال مضاربة إلى عامل ثاني، ويتفق على من تكون نفقة البنك وما هي؛ ولو أخذنا برأي أغلب الفقهاء… فالصحيح أن البنك لا نفقة له في المال ولا من الربح- إلا بالشرط- ويتحملها هو، ثم يغطيها من نصيبه في الربح.
أما مضاربة البنك مع العامل الثاني… فتكون وفق مضاربة مقيدة، يشترط فيها البنك ما يرى فيه المصلحة على ألا تتعارض مع أي من الشروط الشرعية وشروط الصحة، وألا تشتمل على شرط يفسد العقد.
ولا يجوز في كل الأحوال أن يشترط رب المال شرطاً قد يتنافى مع مقتضى العقد، مثل: ما قد يحول بين المضارب والتصرف الذي يتطلبه العمل التجاري المعتاد، أو ما قد يؤدي إلى إلزام العامل بشيء من خسارة رأس المال، أو يؤدي إلى عدم التخلية، أو غيرها من الشروط التي تفسد العقد أو تضر بالمقصود منه. أما التقييد بغير المفيد… فلا يثبت ويلغى؛ لأنه لا فائدة فيه ولا يتقيد به العامل.
ونظراً لإختلاف الفقهاء فيما يتعلق بالشروط المفسدة للعقد… إلا أن الأخذ بصحة الشرط إذا صح عند بعضهم، وكانت فيه مصلحة، يكون كافياً للعمل به في الفترة الإنتقالية، والأغلب أن اختلافهم كان فيما يتعلق بوجهات النظر والظروف والمتغيرات على إمتداد عصورهم، ولم يجوز أحد منهم شرطاً يتعارض مع حكماً شرعياً، أو مع أي من شروط الصحة، ولهذا… فإن الجواز في هذه المرحلة الإنتقالية أصلح لمجتمعنا حتى تصدر العقود القياسية للمضاربة، فتتوفر للناس أنواع متعددة من العقود، فينص في هذه العقود القياسية على الأصلح من هذه الشروط، بما يناسب متطلبات اقتصادنا ومجتمعاتنا.
أما الإشتراط المفيد… فقد جاء إتفاق الفقهاء على قبوله، وللعامل مخالفة الشرط إلى ما هو أفضل بشرط تحقق الأفضل.
جواز المضاربة المقيدة في هذا العصر:
وحيث إن المسلمون عند شروطهم، ومتى توفر شرطي العدل والتراضي، وإن كان اشتراط أن تكون المضاربة مطلقه قد يؤدي إلى أن أصحاب المال قد لا يدفعون بأموالهم مضاربة… فأن المصلحة العامة تقتضى السماح بالإشتراط حتى يعم الخير على الجميع، وفي عصرنا هذا، قد يدفع الناس أموالهم إلى البنوك والمؤسسات الإسلامية، وقد يكون هذا وفقاً لمضاربة مطلقة، فالمودع لديه الثقة في كفاءة وقدرة البنك، والبنك أو المؤسسات الإسلامية لا يعرفان بعد مجال العمل الذي سيوظفان فيه الإستثمارات، إلا أنه عندما يتقدم صاحب عمل إلى البنك بفكرة مشروع تجاري طالباً تمويل رأس المال على أسس المضاربة… فإنه يقدم دراسة شاملة، تبين تفاصيل هذا المشروع وتقديرات أرباحه ومدته، فيقوم البنك بمراجعة هذه الدراسة، والتأكد من صحتها، والتأكد من أهلية المضارب وقدرته وأمانته… فإن اقتنع البنك بجدوى المشروع، قَبل بعقد المضاربة وفقاً لهذه الدراسة، فيصاغ العقد وفقاً للشروط الخاصة بهذا المشروع، ووفقاً للشروط العامة للمضاربة ( والتي يجب أن تكون عادلة للطرفين، فلا تُستغل حاجة العامل للمال فتُفرض عليه شروط مجحفة بحقه؛ فيرضى بها لحاجته، وعلى ألا تتعارض مع أي من الشروط الشرعية للمبادلات الإسلامية عامة وللمضاربة خاصة) ، ولصاحب العمل آنذاك أن يرضى أو يرفض؛ فإن رضى- عن علم- جاز العقد، ويصعب تصور أن البنك سوف يدفع بأموال مودعيه إلى أصحاب الأعمال، وفق مضاربة مطلقة.
ويجب ملاحظة الفرق هنا بين صاحب المال، الذي جاء إلى البنك طالباً منه أن يثمّر له ماله، وبين صاحب العمل الذي تقدَّم إلى البنك بدراسته طالباً المال، وفي هذه الدراسة نوع من الوعد بالعمل وفق منهاج معين. وهذا يختلف عن الحالة الأولى فلا البنك يعد العميل المودع بمنهاج معين، وما كان هذا ما فهمناه في المضاربات التي تعرض لها فقهاء العصور السابقة، ولا شك أن هذا كان يحدث في تلك العصور… إلا أن أغلب البحوث كانت عن الشروط التي يضعها المالك، وإن كان بعض هذه الشروط قد يكون مرآة لما يكون المضارب قد عرضه على رب المال، كما هو الحال الآن، فإن ذكر المضارب في دراسته أن مدة المشروع لن تتجاوز عاماً واحداً، صيغ العقد ملزما له – تجاه المالك – بإنتهاء المضاربة في هذه المدة، وإن كان هذا الشرط مكروها لما سيأتي بعده.
ودرجة إلزام الواعد، تتعلق إلى حد كبير بنوع هذا الوعد وشرعيته، فيشترط فيه ألا يخالف مقتضاه حكماً من الأحكام الشرعية، أو شرطاً من شروط المضاربة المتفق عليها، وأن يكون بيناً واضحاً، وأن يكون الوعد قد صدر عن رضا وإختيار صاحبه. والوفاء بالوعد في حد ذاته من شروط الإيمان، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن حسن العهد من الإيمان. (قال الحاكم أنه صحيح) وأقره الذهبي، وروى البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث من كن فيه فهو منافق، وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم، من إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان.
وأوجب الإمام مالك بن أنس الوفاء قضاء، بينما أوجبت بقية المذاهب الوفاء عبادة وديناً. وجاء في توصية مؤتمر المصرف الإسلامي الأول بدبي – فيما يتعلق بوعد الشراء في عقود بيع المرابحة المتعارف عليه في البنوك الإسلامية في العصر الحديث: ”إن مثل هذا التعامل يتضمن وعداً من عميل المصرف بالشراء في حدود الشروط المنوه عنها، ووعداً آخر من المصرف بإتمام هذا البيع بعد الشراء طبقاً للشروط. إن مثل هذا الوعد ملزم للطرفين قضاء طبقاً لأحكام المذهب المالكي، وهو ملزم للطرفين ديانة طبقاً لأحكام المذاهب الأخرى. وما يلزمه ديانة يمكن الإلزام به قضاء، إذا اقتضت المصلحة ذلك، وأمكن للقضاء التدخل فيه“.
وفي حالة المضاربة … لايعنينا سوى مدى إلزام العامل بما يعد به في دراسة الجدوى الاقتصادية، التي على أساسها قامت المضاربة، وعليه… نجد أن الوعود التي يقدمها العامل في هذه الدراسة، يجوز أن تصبح شروطاً في العقد؛ بشرط أن تستوفي الشروط الشرعية للوعود، وألا تتعارض مع الشروط العامة لعقد المضاربة، فلا يجوز أن يشترط عليه نسبة ربح معينة أو ضمان جزء من رأس المال وغيرهما مما لا يجوز في القراض.
إلا أن هذه الشروط التي يفترض فيها أن تكون مفيدة لمقصود المضاربة… يشترط فيها ألا تكون مضرة بمصلحة أحد الطرفين، وأن يكون التقييد فيها في الأمور العامة وليس في التفاصيل؛ لإعطاء العامل حرية التصرف والتغيير إلى ما يرى فيه وجه الخير والمصلحة، وأن اختلف الواقع المستقبلي عن التقدير، وهذا ما سيحدث مهما كانت دقة هذه التقديرات. ولهذا يبقى هذا الإلتزام والتقييد في حدود خطة ومنهج العمل فقط، وليس الإلتزام بالأثمان والتكاليف أو النتائج، فهذه كلها تقديرات مستقبلية وضعها العامل في الدراسة وفق خبرته وراجعها البنك وقبلها، إلا أنها قد تختلف عند التنفيذ لأسباب وظروف عامة تكون في الأغلب خارجة عن تصرفات أو قدرات العامل.
1- أجل المضاربة:
كما جاء فيما سبق أنه ليس من شروط المضاربة بيان مدتها، أما لو رغب رب المال تحديد أجل أو مدة للمضاربة، ففي رأي المالكية والشافيعة وأحمد أن تحديد أجل للمضاربة يفسد العقد، بينما رأى الحنفية وبعض الحنابلة جواز ذلك، وما ذهب إليه الشافعية في توقيت المضاربة بتحديد مدة ينتهي الشراء بإنتهائها، هو رأي مناسب لعصرنا؛ فهم أطلقوا مدة البيع الذي منه الإسترباح، والذي إن قيد بوقت يكون منافيًا لمقصود العقد، ولأن لرب المال حق منع العامل من الشراء متي أراد ذلك بخلاف المنع من البيع… فإن فيه ضررًا على العامل.
جاء في المغني لابن قدامة * (جزء 5 ص 70): ”فإذا شرط ذلك فقد شرط ما هو من مقتضى العقد فصح كما لو قال إذا انقضت السنة فلا تشتر شيئاً. وقد سلموا صحة ذلك“.
وجاء مثله في رأي للإمامية والحنفية.
ويمكن الرجوع إلى عقود الزارعة والمساقاة، وبيع السلم؛ لنجد وجوب مد الأجل إذا تأخر الحصاد أو النضوج.
ولو قيدت مدة العمل حتى تصبح السلعة جاهزة للبيع … أو معروضة للبيع، فإن ما بعد ذلك يعتمد على عوامل منها: العرض، والإعلان، ومكان السوق،والثمن المطلوب، وتواجد المشتري الراغب.
ولأن البيع يحتاج تواجد المشتري الراغب في الشراء بالسعر المطلوب، وهو قد يأتى بنفسه، وقد يحتاج إلى مهارة وخبرة العامل لجذبه ومساومته وإقناعه بالشراء، والعامل الذي قام بالعمل لديه الحافز في البيع للحصول على نصيبه من الربح، ولا يعقل أن يتباطئ أو يهمل أو ينصرف عن هذا إلى مضاربة أو عمل آخر. وإن لم يتم البيع وتأخر… ففي الأغلب أن يكون إما لعدم تواجد المشتري الراغب في الشراء بالسعر المطلوب، وهذا بدوره قد يكون لإرتفاع السعر المطلوب عن سعر السوق، أو لعدم وجود طلب على السلعة أصلاً، وقد يكون عدم الطلب هذا ناتجا إما: عن عرض السلعة في غير موسم طلبها فتؤخر إلى موسمها أو يخفض ثمنها، أو أن مواصفات السلعة ليست مما يطلبه أو يرغب السوق، وهذا قد ينتج عن خطأ جذري في التقدير، ويعصب تصور حدوثه من قبل عامل مضاربة متمرس قام بدراسة جدوى راجعها البنك.
والعلاج لما سبق… يتم في خفض السعر وتحسين سياسة التسويق، يستمر في التخفيض خلال فترات زمنية، تختلف بإختلاف نوع السلعة وما جرت به العادة في مدة تصريفها، أما إذا حاول العامل البيع بأسعار أعلى من سعر السوق، وأصر على ذلك رغم فشله، ربما لمعرفته أنه لو باع بسعر السوق فلن يكون في المضاربة ربح، فينتظر على أمل أن يتحسن السعر، فأن فعل ذلك، ولم تكن لديه أسباب قوية لتوقع تحسن السوق .. فان هذا العمل ليس من مصلحة المضاربة؛ لأنه يطيل أمدها دون نماء يرجى.
ولرب المال الحق في فسخ العقد إن لم يرض عن تصرف العامل بتأخيره للبيع، وعلى العامل أن يبيع السلع لينضض المال إذا علم بالفسخ وكان المال عروضاً. فإن أبى العامل تنضيض المال… فقد أجاز أغلب الفقهاء لرب المال أن يأخذ عوض رأس المال عرضاً، وإن طلب تنضيضه أجبر العامل على ذلك إن كان فيه ربح، فإن لم يكن فيه ربح… يلزم البعض العامل بتنضيض العروض، ويرى البعض الآخر عدم إلزامه، ورأى المالكية تفويض أمر إنضاض المال إلى الحاكم.
ولكن هذا لن يحدث في أغلب الأحوال؛ فاشتراكهما في المصلحة سوف يجمعهما على نفس القرار، وقد يكون العامل على صواب في الإنتظار، فليس من مصلحته الانتظار إذا كان في تقديره عدم تحسن السعر؛ خاصة لو اشترط رب المال عليه ألا يضارب في مضاربة أخرى إلا بموافقته، فيكون تعطيل المال تعطيلاً لأعماله أيضاً، فلا يقدم على هذا، إلا لو كان فعلاً يتوقع تحسن السوق، وإن صدق حدسه… تعم الفائدة عليه وعلى رب المال.
ولا شك أن مرحلة البيع هذه من المراحل الحساسة في المضاربة، ويجب إعطاء العامل خلالها الحرية؛ بحيث لا يضطر إلى البيع لمجرد اقتراب إنتهاء المدة التي عينها له رب المال؛ خاصة إذا كان رب المال هذا بنكاً، لما عرف من عادة بعض البنوك البيع بدافع الرغبة في تنضيض المال، مع قدرتهم على تحمل الخسائر وتوزيعها أو جبرها من مشروعات أخرى، بينما رب العمل هذا قد لا يكون عنده سوى هذا المشروع، فيحد تقييده من قدرته على المساومة، يضطر العامل إلى قبول أسعار أقل؛ خوفاً من انتهاء المدة، وقيام النبك، أو من يعينهم البنك بالبيع.
وعليه… يجب الوازنة بين مصلحة رب المال ومصلحة العامل، ولا يكون هذا إلا بمراعاة مصلحة المشروع، التي تقتضي إعطاء العامل الوقت المعقول والكافي للتسويق والبيع، يكون له فيها الحرية المطلقة في التصرف، وفي تحديد السعر وتعديله كيفما يرى… فإن لم يتم البيع في هذه الفترة يجتمعا فيشرح العامل وجهة نظره وتقديراته وما يعزم على عمله في الفترة القادمة، فإن اقتنع رب المال… قررا معاً أسعار البيع الجديدة، ويحددان مدة ثانية، يقوم فيها العامل بالتسويق بالأسعار الجديدة، فإن انقضت الفترة الثانية، ولم تبع العروض… يستطيع رب المال فسخ المضاربة، ويجبر العامل على أن ينضض المال فإن أبى، ينضضه رب المال أو من ينيبه عنه.
وعليه… يكون توقيت المضاربة كما يلي:
1- تحدد مدة ينتهي فيها الشراء، وهي ما يمكن أن نعبر عنها بلغة العصر بمدة التنفيذ؛ حتى يصبح المشروع أو السلعة جاهزة ومعروضة للبيع. ويصح تمديد هذه المدة لأسباب التمديد التي تخرج عن سلطة وقدرات العامل مثل الظروف القاهرة وتغير أحوال السوق نتيجة أسباب لا يمكن لخبير أن يتوقع وقت الدراسة حدوثها وبما يسبب تأخير العمل أو ندرة أحد المواد أو الآلات أو المهنيين المنوط إليهم إتمام التنفيذ.
2- تحدد المدة الأولى للبيع، وهي المدة الكافية للبيع، ولا تنتهي المضاربة بإنتهائها إذا لم يتم البيع، وإنما تكون فترة لو فسخ خلالها رب المال المضاربة يستحق العامل الأكثر من أجر المثل أو نصيبه من الربح، إن كان ثمة ربح بعد تنضيض المال؛ لأنه فوت على العامل فرصة الربح الأفضل؛ لأن البيع قد يتم في ظروف غير مناسبة.
3- المرحلة الأخيرة: وهي مرحلة مفتوحة لا مدة لها، ولا تنتهي إلا بتنضيض المال أو بفسخ أحد الطرفين العقد، ويجتمع في أولها العامل ورب المال، ويتفقان على أسعار البيع، فإن لما يتفقا تنفسخ المضاربة، وللعامل مثل ما كان له في الفترة الأولى، وإن إتفقا يُمنح العامل فترة جديدة للبيع بشرط ألا تقل عن نصف الفترة الأولى، وإن فسخ رب المال فيها كان للعامل مثل ما سبق، فإن انقضت والمال عروض… حق لرب المال الفسخ إن أراد آنذاك أو في أي وقت بعده، وأجبر العامل على تنضيض المال فان كان ثمة ربح فله نصيبه وإن لم يكن فلا شيء له، وإن رفض نضضه رب المال أو من ينوب عنه.
ويجب ملاخظة أن المضاربة لم تحدد لها مدة، وإنما استخدم فيها حق الفسخ المتوفر لهما؛ لتمكين رب المال من توقيتها مع حماية حقوق العامل ومصلحة الطرفين فيما يتعلق بتهيئة الظروف المناسبة لتحقيق الربح. ويجب في حالة الفسخ أن يجبر العامل أولاً على البيع وفق إنذار له مدة .. فإن أبى أو أخر البيع بعد هذه المدة باع رب المال.
ولضمان ألا يشترط رب المال فترات قصيرة للبيع.. يجب أن تكون هذه الفترات مما تقضي به العادة المتعارف عليها، وإن باع رب المال.. وجب عليه أن يبيع بثمن المثل أو بأكثر أو بما يتغابن فيه الناس. ويجب أن نتذكر أنه في أغلب المعاملات لن تصل الأمور إلى هذا؛ فالمصلحة الواحدة تجمعهما، ولرب المال مصلحة في البيع بأفضل الأثمان.
ويفضل أن ينص في العقد على قدر أجر المثل أو معادله الشهري.
والرأي الآخر للأحناف والحنابلة بجواز توقيت المضاربة بمدة تنتهي بانتهائها، يوافق ما جرت العادة به في عصرنا، إلا أن مصلحة الجميع تقضي بإطلاق أجل البيع.
المراحل المختلفة لتنفيذ المشروع والبرنامج الزمني:
من طبيعة المشروعات أن تكون لها مراحل تنفيذ مختلفة، تحدد جداولها الزمينه تواريخ أبتداء وإنتهاء هذه المراحل، ومن طبيعة المشروعات أيضاً أن هذه الجداول التقديرية والمعدة أصلاً ضمن الدراسة الأولية للمشروع على أسس إفتراضية، يتم تعديلها في فترات دورية، وقد تكون شهرية للأخذ في الاعتبار بالواقع وبالمتغيرات التي تؤثر على سير العمل إما بتقدمه أو بتأخره، ووظيفة هذه البرامج إعطاء الصورة المستقبلية وفق أفضل البيانات الافتراضية، فإن تأخر سير العمل في مرحلة ما.. تكافلت الجهود لتعجيله في مرحلة مستقبلية لتعويض التأخر، وقد يستحيل هذا في بعض الحالات إن كان التأخر في مرحلة أساسية، فينتج عن هذا التأخر المرحلي تأخير تاريخ إنتهاء أعمال التنفيذ في المشروع؛ وبالتالي إطالة مدة المشروع.
وتنتج هذه الأعطال عن عوامل كثيرة منها الأسباب القاهرة، والتي ليس للعامل سلطة عليها، ومنها الأسباب غير القاهرة، وهذه إما: لقرار إداري ينتج عنه مصلحة للمشروع، أو لخطأ في التقدير عند إعداد الجدول الزمني، أو لتقصير إداري كعدم توفير وسيلة نقل المشترى فيتعطل عند البائع، وهناك أيضا التأخير الذي ينتج عن تصرفات أطراف أجنبية، مثل: أن يعد البائع بالتسليم فلا يسلم المشترى بالرغم من أن العامل صاغ عقد الشراء على أكمل وجه.
ولا يجوز تحميل العامل مسؤولية العطل الناتج عن أي من الأسباب السابقة فيما عدا التقصير الإداري لو كان فاحشاً، فالتقصير اليسير من متطلبات العمل؛ فقد تقرر الإدارة دفع جانب من العمل على حساب جانب أخر، فيبدو لمن يجهل الصورة المتكاملة للمشروع كتقصير في الجهة الثانية، أم التقصير الفاحش مثل إهمال العمل في أغلب جوانبه، دون تقديم سبباً وجيهاً مقنعا، فإن حدث هذا.. فيجب أن يدعم الأتهام بالبيانات المثبتة، ويحال القرار في هذا الأمر إلى طرف ثالث محايد، ذي خبرة ومعرفة.
وعليه… لا يجوز تقييد العامل بتواريخ المراحل المختلفة للبرنامج الزمني، وإنما يكون التقييد بأجل الشراء، أو ما نطلق عليه مدة التنفيذ، ويجوز مد هذه المدة من آن إلى أخر بموافقة رب المال والعامل، فإن اختلفا، احتكما إلى محكم ذي خبرة ومعرفة.
والمحكم هو جهة إستشارية، يتفقان عليها ممن يُعْرَف عنهم النزاهة والمعرفة في أمور نوع عمل المضاربة، ويُلزم قراره طرفي العقد، فيُمد أو يبقى على حاله. أما لو أعطى رب المال، المال إلى عاملين كما سيأتي ذكره في أمر إشراف رب المال… فإن قول العاملين يكون ملزما لرب المال، وله إن رفض أن يخيرهما بالتحكيم، أو أن يفسخ العقد.
2- تقييد العامل بالإتجار بسلعة معينة، أو مع جهة معينة، أو بمكان معين:
ورَأَى المالكية والشافعية أن تقييد العامل بالإتجار بسلعة معينة يقل وجودها، أو بالتعامل، أو بعدم التعامل مع جهة معينة يفسد العقد، بينما رأى الحنفية والحنابلة والإمامية خلاف ذلك.
واتفق جمهور الفقهاء على أن حق تعيين مكان أعمال المضاربة يعود إلى رب المال، وعلى صحة اشتراط رب المال على العامل المتاجرة في بلد معين. وأن من حقه أن ينهاه عن السفر بالمال، وإن سمح له بالسفر إلى جهة معينة، فليس للعامل أن يسافر لغيرها. ولو خالف المضارب ما اتفق عليه، فتلف شيء من المال، كان غاصباً وضمن لمخالفته الشرط.
3- اشتراط رب المال على العامل ضمان مال المضاربة:
ولا يجوز لرب المال أن يشترط على العامل ضمان ماله، أو ضمان شيء من الخسارة؛ فإذا اشترط ذلك في العقد، ولم يكن العامل قد باشر في العمل.. كانت المضاربة فاسدة وينفسخ العقد، ويعود المال إلى رب المال. أما إذا كان المضارب قد باشر في العمل، أو تصرف في المال.. يكون العقد صحيحاً، والشرط باطلاً فينتفي الشرط. ولا ضمان على العامل والربح بينهما على شرطهما في العقد، والوضيعة على رب المال.
أما ما رأى الفقهاء المالكية من إعطاء العامل قراض المثل متى فسد العقد، وغيرهم من الفقهاء- ما عدا الحنابلة- من إعطاءه أجر المثل.. ففيه- في هذه الحالة- معاقبة لرب المال، ومكافأة غير مستحقة للعامل إذا خسر المشروع، فخسارة المشروع ليس لها علاقة بالشرط الذي أبطلوه في كل الأحوال. ومتى بطل الشرط يصبح كأنه لم يكن، وليس له تأثير مباشر على إدارته وعمله، أو على نجاح المشروع أو فشله؛ بل فإن كان له أي تأثير… فإنه في دفع العامل إلى مضاعفة جهده؛ خوفاً من الخسارة التي كان ليتحملها لو لم يبطل الشرط؛ فان خسر بعد هذا فكيف يوجب له أجر المثل فيستفيد من القراض الفاسد، أكثر مما كان ليستفيد منه لو صح!! وكذلك في ربح قراض المثل، لو ربح وكان نصيبه أقل مما يكون له من قراض المثل، ويصعب أن يكون هناك مثل لهذا القراض المعيب في أصله؛ فليست المشاريع التجارية أو غيرها متشابهة، وإن تشابه بعضها لم يتشابه العمال، وإن تشابهوا… اختلفت ظروف السوق من عام إلى أخر، ومن سوق إلى أخر.
ويجب ملاحظة أن المال في عقد المضاربة يظل ملك صاحبه، ولهذا… فلا يجوز طلب رهن أو ضمانات من العامل، فإن فسخت المضاربة والمال عروض فعلى العامل تنضيضها فإن أبى إما: أجبر على ذلك أو نضضها رب المال أو ولي الأمر، ولكن العامل قد يتباطئ في التسديد أو التسليم؛ ولهذا.. يصاغ العقد بما يؤدي إلى معنى ملكية رب المال لمال المضاربة، وحقه في وضع يده عليه عند فسخ المضاربة، وعند مماطلة العامل في التسليم، فان كان للعامل حق بموجب العقد… يكون عليه أن يطالب به، ويحتاج هذا الأمر إلى نصوص قانونية للموازنة بين الطرفين، ولحماية الطرف العامل إذا تمادى رب المال.
وما جاء مؤخرا عند البعض القليل من أن البنك في حالة كونه وسيطاً في المضاربة.. فله أن يتبرع لمودعيه بالوضيعة في أموالهم إذا أصاب رأس المال أو جزءاً منه تلف في المضاربة الثانية، لا يجوز مطلقاً. فهذا التبرع المقصود منه ضمان رأس مال عقد مشاركة، فإن جاز للمتبرع أن يتبرع بالضمان، لايجوز للمودع، رب مال المضاربة، أن يقبل أن يضمن له ماله، لأنه إذا ضُمن ماله لم يجز له الربح. فلا كسب دون عوض أو مخاطرة، والربح على المال المضمون يتعارض مع القاعدة الشرعية الغنم بالغرم، ومع الحديث الشريف الخراج بالضمان، فلا يطيب له خراج ما لم يضمن، فإن كان ماله مضمونًا فاما أن يكون قرضاً فيكون الربح والزيادة ربا، أو أمانة فلا يحق له الربح، وهو مال مضاربة ومن شروط صحتها أن الوضيعة على رب المال، وليس له أن يشترط الضمان، وان تبرع به العامل. والخراج بالضمان، فإن ضمن البنك، كان الربح له بضمانه.
والمنع هذا لا علاقه له بمن يعطي الضمان، وإنما يعود إلى من يقبل الضمان، فإن ضمن رب المال ماله فقد أربى ان شرط الزيادة، وهو قد شرط الزيادة في المضاربة إن كان في المال ربح، وقبل ألا تكون الوضيعة من مال المضاربة، وهذا إخلال بشرط من شروط صحتها.
والوهب أو التطوع والتفضل هو عقد تمليك المال دون عوض، وهذا التبرع تمليك بعوض؛ فالمقصود منه جذب أموال الناس إلى المضاربة لظن المتطوع الربح منها، ولكونه طرفاً فيها، سواء أكان عاملاً أم وكيلاً بأجر أم مستشاراً أم وسيطاً… فله في المال، ولو كان درهماً لقاء عمله، وهو إن لم يكن يرغب في مال المضاربة لنفسه، فهل يتطوع للناس إذا خسروا عند غيره، أي أن التطوع هنا بعوض مجهول فيكون معاوضة وليس تطوعاً؛ فالتطوع لا يرجى منه العوض ولا يكون معه شرط يتعلق بكسب مادي للمتطوع، والهدية لا تجوز مع القرض، والقراض والمشاركات.
والتطوع مثل الهدية، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : أفلا قعد في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدي إليه أم لا!
جاء في كتاب مجموع فتاوي ابن تيمية (جزء 29 ص 62):”روى عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح مالم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك. رواه الأئمة الخمسة وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. ويضيف ابن تميمة: فجماع معنى الحديث: أن لا يجمع بين معاوضة وتبرع، لأن ذلك إنما كان لأجل المعاوضة، لا تبرعاً مطلقاً. فيصير جزءا من العوض، فان اتفقا على أنه ليس بعوض جمعا بين أمرين متنافيين، فان أقرض رجلا ألف درهم وباعه سلعة تساوي خمسمائة بألف، لم يرض بالأقراض إلا بالثمن الزائد للسلعة، والمشتري لم يرض ببذل ذلك الثمن الزائد إلا لأجل الألف التي أقترضها. فلا هذا باع بيعاً بألف ولا هذا أقرض قرضا محضا، بل الحقيقة أنه أعطاه الألف والسلعة بألفين“.
فلهذا لا يجوز قطعياً الخروج عن المبادئ الشرعية لإرضاء العملاء، والذين إنما لجئوا إلى البنوك الإسلامية طاعة وإمتثالاً وتمسكاً بدينهم الحنيف، أما محاولة جذب المتعاملين مع البنوك الربوية.. فهذا لن يتم إلا بتطبيق المضاربة بقواعدها السليمة، وإظهار أن أرباح العملاء من المضاربة سوف تفوق بإذن الله تعالى معدلات الفوائد الربوية، ولن يتم هذا إلا بتطبيق البنوك شرط الإتفاق على نسب توزيع الربح وعند قيامها بتوزيع الأنصبة الفعلية.
4- نفقه العامل:
المقصود من النفقة في المضاربة هي كل ما يحتاجه المضارب من طعام وشراب وكسوة وأجرة المنزل وأجرة الحمام وغسل ملابسه، ومؤن العامل وخدامه في السفر وما شابه ذلك مما يعتاد الإنسان صرفه على نفسه في الأحوال الاعتيادية، أما مصاريف الحالات الطارئة مثل مصاريف العلاج والطبيب في حالة المرض.. فمن مال المضارب.
والرأي عند الجمهور أن تكون نفقته من ماله ما دام مقيماً، ومن مال المضاربة أو ربحها إذا سافر من أجلها، وقال الظاهرية والشافعية في أظهر القول عندهم أن النفقة في السفر والحضر تكون من ماله لا من مال المضاربة. وأجاز الحنابلة أن يستحق العامل نفقته لو اشترط ذلك ووافق رب المال.
وحيث إن الحنابلة قد اشترطوا موافقة رب المال على الشرط؛ فالأساس عندهم: لا نفقة ما دام مقيماً إن لم يجزها رب المال.
والنفقة كما وصفها الفقهاء: ما يصرفه الرجل على نفسه وخادمه في السفر، وهي المصاريف الشخصية المعتادة ولا تشمل المصاريف الطارئة كالعلاج وغيره، ولم يذكروا نفقة عيالة ومؤونة أهله، ولم يقولوا إنها ما كان تعود أن يصرفه قبل دخوله عقد المضاربة، فلو حاولنا الأخذ بكل مصروفاته لكانت أقرب إلى الأجرة، وهذه لا تحق له فقد دخل عقد مضاربة لا إجارة، وليس له غير النصيب المتفق عليه في الربح، أي إن الاجر أو ما يقارب الأجر لا يصح له، لا في سفر ولا في حضر.
وعليه… فان ما كان يصرفه قبل المضاربة وما كان ليصرفه في مدتها لو لم يدخل فيها؛ فمن ماله لا من مال المضاربة ولا من ربحها، وان صحت له النفقة في الحضر بالشرط، فلا تشمل هذه النفقة إلا المصاريف الإضافية المتعلقة بهذه المضاربة، أما نفقته في السفر… فمن مال المضاربة أو من ربحها- والأصلح من مالها- ولا تتعدى النفقة ما ذكره الفقهاء وهي في عصرنا هذا ما تدفعه الشركات لموظفيها عند سفرهم في مهمة عمل كمصاريف إضافية، وبناء على تقديمهم فواتير تثبت هذه المصروفات.
وقد يحتاج المضارب نفقته في الحضر أو السفر مما يعول به أهله، أي مصاريفه الثابتة، التي لا علاقة لها بالمضاربة، ولو أجيز له اشتراط ذلك.. فيكون مثل اشتراط الأجر؛ لأن النفقة في هذه الحالة قد تكون أقل من الأجر، إلا أنها قريبة منه، ولا يجوز في رأينا اجتماع الأجر والربح في المضاربة، فالأجر ثمن منفعة العمل والربح عوضها، وعامل المصنع الذي يقبل بأجر أقل لقاء نصيب من الربح ليس عامل مضاربة له كامل حرية التصرف، وما يجوز له ينطبق على المضارب الذي يتحقق الربح من مجهوده وخبرته وحده. ولهذا فالأولى إن كان هذا ما يرغب به رب المال ويرضاه تطوعاً.. أن يكون هذا الجزء الزائد من النفقة قرضاً يرد من ربحه فإن لم يربح وجب رده.
وأغلب المضاربات في عصرنا هذا ستكون في بلد الشركة العامل، فإن كانت النفقة من مالها فلا يجوز لها أن تقتطع من رأس المال أي من مصاريفها الثابتة، من أجور موظفين ومكاتب وتكاليف الكهرباء والاتصالات الهاتفية والسيارات، وإستهلاك الأعيان التي تملكها من: أثاث، وأدوات مكتبية، وأجهزة، وخلافه، وتكاليف تأميناتها الصحية، والتأمينات التعاونية، وغيرها من مصاريف الشركات التي كانت لتدخل في عناصر الأجر لو كانت الشركة قد استؤجرت على العمل ذاته. فإن سافر أحد موظفيها في مهمة خاصة بأعمال هذه المضاربة… تكون تكلفة السفر من مال المضاربة.
وماذا لو استأجرت الشركة من يقوم لهذا العمل، فتدفع له الأجرة من مال المضاربة ويكون منها الفكر والقرار الإداري، وهذا ما يقول به البعض لأن العامل هو من يستخدم خبرته وقدرته المتميزة على اتخاذ القرار الذي يتحقق الربح نتيجة له، وهذا صحيح لو كان هذا هو القصد من المضاربة معه، ولو لم تكن هذه الأعمال مما يدخل في نطاق قدرته أو تخصصه، ولم تجر العادة أن يقوم بها بنفسه. فإن كانت الأعمال التي استأجرت عليها الشركة هي من الأعمال التي جرت العادة أن تتولاها بنفسها، وقامت المضاربة معها لأنها تملك هذه القدرة، وكان مما يلزمها من العمل، فقد قال الجمهور إن العامل إذا استأجر على ما جرت العادة أن يتولاه بنفسه وما يلزمه من العمل يكون الأجر عليه في ماله لا من مال القراض ولا من ربحه. فإن كان العامل يستأجر نفسه بحجة أنه كان سيستأجر الغير من مال المضاربة، وهو أولى، ولهذا فله الأجر الذي كان سيدفعه للغير؛ فهذا غير صحيح؛ لأنه سواء استأجر الغير أو عمل بنفسه فالأجر أو التكلفة من ماله وليست من مال المضاربة، وهو استحق نصيبه من الربح بهذا العمل.
ولهذا… لا يجوز للبنك أو الشركة المضارب أن يقتطع أحدهما أجور موظفيه وغيرها من المصروفات الإدارية من مال المضاربة المعقودة في محل إقامته، إلا بالشرط إذا أخذنا رأي الحنابلة. ويكون العوض لهما عن هذه المصروفات من الربح، فإن لم يكن هناك ربح… فليس لرب المال مقصد في عملهما وإنما قصد الربح، فلا يلزم بالأجر وهو قد التزم بشرط الربح، والذي فيه عوض العامل عن عمله.
أما لو ضورب مع الشركة المتخصصة في اتخاذ القرارات السديدة.. فلها أن تستأجر من مال المضاربة، أما مصاريف مكاتبها وموظفيها فمن مالها، وليس لها أن تقوم بالعمل الذي كانت ستستأجر عليه لقاء أجر، تدفعه لنفسها من مال المضاربة.
وما جاء عند الظاهرية في منعهم العامل أن ينفق على نفسه من مال المضاربة لما سيصيب المال من جهالة، هو أقرب إلى الصحة لأن رب المال لا يعرف كيف وكم سينفق العامل خاصة إذا كان شركة. ومن الصعب توزيع مصاريف الشركة على المشروعات المختلفة بدقة وعدل، والطريقة التي تتبعها الشركات من توزيع مصاريف المكتب الرئيسي على مشروعاتها المختلفة وفقاً لحجمها ومدتها، هي طريقة تقديرية؛ تصلح للغرض المطلوب لأن الشركة تملك وحدها كل هذه المشروعات، أما في حالة المضاربة فتختلف ملكية هذه المشروعات. وتقسيم مصاريف الإدارة عليهم وفق القيمة والمدة لا يخلو من افتراض المساواة بينهم في عمل المكتب الرئيسي في شؤون إدارتهم، وهذا يستحيل في أرض الواقع، فالمشروعات تختلف عن بعضها البعض، فبعضها يحتاج إلى إدارة أكثر مما يحتاجه غيرها وإن كانت أصغر حجماً وأقل مدة، بل ويختلف المشروع الواحد فيما يتعلق بقدر اهتمام الإدارة به من مرحلة إلى مرحلة أخرى.
<< previous page | next page >> |