الربــــا
الربا هو الزيادة المشروطة في الدين مقابل الأجل، وهو الزيادة التي لا يقابلها عوض، يقول الإمام ابن المنذر : ”أجمعوا على أن المسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية فأسلف على ذلك، أن أخذ الزيادة على ذلك ربا“.
والقاعدة الشرعية أن كل قرض جر نفعاً فهو ربا.
روى الإمام مالك في الموطأ ”أن رجلاً أتى ابن عمر فقال : أنى أسلفت رجلاً سلفاً واشترطت عليه أفضل مما أسلفته. فقال ابن عمر : فذلك من الربا“.
وقال أبو بكر الجصاص في أحكام القرآن: ”الربا الذي كانت العرب تعرفه وتفعله إنما كان قرض الدراهم والدنانير إلى أجل زيادة على مقدار ما استقرض على ما يتراضون به“.
ويقول الجصاص أيضاً في أحكام القرآن : ”أنه معلوم أن ربا الجاهلية إنما كان قرضاً مؤجلاً بزيادة مشروطة فكانت الزيادة بدلاً من الأجل، فأبطله الله تعالى وحرمه وقال: وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم“.
وقال الإمام مالك رضي الله عنه: ”لقد تصفحت كتاب الله وسنة نبيه، فلم أر شيئاً أشر من الربا لأن الله تعالى أذن فيه بالحرب“.
وربا النَّسيئة، وربا الجاهلية، وربا الديون والربا الجلي … كلها أسماء لشئ واحد … هم الزيادة المشروطة في الدين الحال لقاء الأجل سواء أكان هذا الدين قرضاً أم ديناً مترتباً في الذمة نتيجة معاملة أخرى. والنسيئة هي التأجيل والتأخير وهذا الربا محرم بالقرآن والسنة وإجماع الأئمة.
والربا هو زيادة مشروطة – أي محددة معلومة تتزايد نظير الأجل – في دين والدين والزيادة مضمونان.
أما الربح … فهو زيادة – غير مشروطة وغير مضمونة وغير معلومة مسبقاً – تنتج عن العمل في رأس مال مخاطر لا ضمان فيه ولا في ربحه.
وهناك نوع آخر من الربا : وهو ربا البيوع أو ربا الفضل وهو بيع ربِوَي بمثله مع الزيادة في أحد المثلين، ومنه ربا النساء ويقع في البيوع عند عدم التقابض في البدلين ووجود فاصل زمني بينهما. وهذا محرم في السنة والإجماع ويدخل في عموم لفظ القرآن.
وتنشر مجلة الاقتصاد الإسلامي – في صفحة 2 من كل أعدادها – مايتضمن ما يلي:
”يعتبر ربا – بناء على ما استقر عليه رأي الفقهاء وأوضحته المنشورات التي أصدرها الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية – مستفيضة وموجزة – كل فائدة محددة سلفاً قبل الإقراض أو الإيداع منسوبة إلى رأس المال أو الزمن، يحصل عليها صاحب رأس المال دون مشاركة منه في العمل أو في المخاطرة بتحمل مسئولياته في احتمالات الربح والخسارة أُسْوة بعناصر الإنتاج الأخرى“.
وجاء في كتاب التدابير الواقية من الربا للدكتور فضل الهي صفحة 28 : ”إن انتشار ربا القروض لم يكن في الجاهلية فحسب، بل هو النوع المنتشر الآن، والمستعمل في البنوك والمصارف، وهو السبب الرئيسي لكثير من المشاكل الاقتصادية العالمية اليوم“.
تحريم الحيل:
يقول الدكتور فضل الهي في نفس المرجع السابق ص 117: ”يتعامل بعض الناس بالمعاملات الربوية، لكنهم يسمونها بغير أسمها، ويظهرون غيرها ما يبطونون، يحاولون عبثاً الاحتيال على الله العليم الخبير كما يقول أيوب السختياني: يخادعون الله كأنهم يخادعون آدمياً، لو أتوا الأمر عياناً كان أهون علي“.
وقد ضَيَّق الإسلام النِّطاق على هؤلاء المحتالين، فحرَّم رسول الله ” الحيل، حيث يقول : ”لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل“.
ويضيف في صفحة 125: يحاول المحتالون – بعقد العقود الربوية بصيغ العقود المشروعة – يحاولون في زعمهم مخادعة الله تعالى والمؤمنين، يخالفون أوامر الله تعالى ويظهرون أنهم مطيعون لها، يستهزئون بآيات الله تعالى ويظهرون أنهم ملتزمون بها، كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: هذا خداع لله، واستهزاء بآيات الله، وتلاعب بحدود الله.
وجاء في نفس المرجع عن ابن تيمية (إغاثة اللهفان لابن القيم (جزء 1 ص 350): ”إن باب الحيل المحرمة مداره على تسمية الشئ بغير أسمه، وعلى تغيير صورته مع بقاء حقيقته، فمداره على تغيير الإسم مع بقاء المسمى، وتغيير الصورة مع بقاء الحقيقة“.
وفي مقال نشر في مجلة البنوك الإسلامية عدد 52 الصادر في فبراير 1987 جاء في صفحة 10 ما يلى، فيما قاله بعض المشاركين في المؤتمر العام الأول للبنوك الإسلامية الذي عقد في اسطنبول في أكتوبر 1986 : ”يتهم البعض البنوك الإسلامية بأنها تستخدم أحياناً نفس أساليب البنوك التقليدية مع تغيير المسميات“.
فيقول – أي الدكتور محمد هاشم عوض أستاذ الاقتصاد بجامعة الخرطوم ورئيس مجلس إدارة أحد البنوك الإسلامية الكبرى في السودان – : ”أعتقد أن هذا الاتهام فيه ظلم للبنوك الإسلامية، فمثلاً نظام المشاركة نظام إسلامي بحت. وفيه تتعرض البنوك الإسلامية للربح والخسارة في آن واحد. ومعروف أن البنوك الإسلامية لا تطالب بأي ضمانات ضد الخسارة ولو أنها تطالب بضمانات ضد التهرب من السداد. أما البنوك الربوية فتصر على ألا تخسر وأن تتلقى فوائد سواء ربح العميل أو خسر، وإذا خسر تستولي على الضمان حماية لأموالها، وفي هذا فرق كبير بين الاثنين“.
تكييف العقد الربوي ليكتسب شرعيته الإسلامية:
أما عن تكييف العقد الربوي ليكتسب شرعيته الإسلامية، فالشرط الربوي باطل والعقد صحيح، كما جاء في مجلة البنوك الإسلامية عدد 50 ص 41 – من بحوث القسم الشرعي بالإتحاد الدولي للبنوك الإسلامية – أكتوبر 1986:
”أما الحنفية فيرون أن عقود الربا فاسدة لا باطلة، والباطل عندهم ما كان غير مشروع بأصله والفساد ما كان مشروعاً بأصله غير مشروع بوصفه وهذا النوع الأخير إذا زال عنه الوصف الفاسد أصبح مشروعاً بعد أن يزول عنه الوصف. والمقرر عندهم أن عقود الربا فاسدة بوصفها لا بأصلها لأن البيع أو الدين حلال في الأصل؛ والربا أمر طارئ عليهما فإذا زالت الزياردة الربوية بقى العقد مشروعاً، ورأي الحنفية أدق في الصناعة الفقهية وأعمق نظراً وأنسب لاستقرار التعامل، وهذا الرأي ما تؤيده الآيات الكريمة بقوله تعالى: وإن )وإن تبتم فكلم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تُظلمون(. قوله: )يأيها الذين آمنوا أتقوا الله وذروا ما بقى من الربا إن كنتم مؤمنين(. وإذن فالنهي بصريح هاتين الآيتين يتوجه إلى الزيادة الربوية دون السبب الذي نشأت عنه، وتكون وحدها الباطلة عملاً بالنهي أما العقد الذي نشأت عنه فيظل خارج دائرة النهي سليماً من النقض والإبطال. فالذي يبطل هو شرط الربا بمفرده دون العقد الأصلي“.
*****
نُبذة عن الجهود الذى بذلت فى النصف الثاني من القرن الميلادي الحالي لتحريم الفوائد البنكية الربوية، والتى أدت إلى وضع القواعد؛ لإعادة بناء النظام الاقتصادي الإسلامي:
صدرت في النصف الأول من هذا القرن فتاوي تحرم فوائد البنوك الربوية منها ما صدر عن دار الإفتاء للمرحوم الشيخ بكري الصدفي في عام 1325 هـ، وفتوي المرحوم الشيخ عبد المجيد سليم.
أما في النصف الثاني … فمنها ما صدر عن مجمع البحوث عن المرحوم الشيخ محمود شلتوت. وفي سنة 1951 … عقد مؤتمر الفقه الإسلامي في باريس ونوقش فيه الربا ورأى بعض المشتركين أن جميع أنواع الربا محرمة تحريماً قاطعاً.
وأنشأ في مصر في عام 1963 بنك الإدخار المحلي بميت غمر على أساس الالتزام بالمبادئ الأساسية للاقتصاد الإسلامي، وانتهت التجربة الرائدة بعد ثلاث سنوات بالرغم من نجاحها. ثم اجتمع فقهاء خمس وثلاثين دولة إسلامية في القاهرة في مايو عام 1965، وصدر عنهم بالإجماع قرار مجمع البحوث الإسلامية، والذي نصَّ على أن الفائدة على أنواع القروض كلها ربا محرم، لا فرق في ذلك بين ما يسمى بالقرض الاستهلاكي وما يسمى بالقرض الإنتاجي. فإن الحسابات البنكية ذات الأجل، وفتح الاعتماد بفائدة، وسائر أنواع الإقراض نظير فائدة كلها من المعاملات الربوية وهي محرمة.
وفي عام 1976 … أنشأت جامعة أم درمان الإسلامية أول قسم للاقتصاد الإسلامي في العالم، ثم طرحت فكرة إنشاء مصرف إسلامي دولي في مؤتمر ووزراء الخارجية الإسلامي في عام 1972، ووقعت إتفاقية إنشاء البنك الإسلامي للتنمية في عام 1975.
وأنشئ بنك دبي الإسلامي في 12 مارس عام 1975، ثم بنك التنمية الإسلامي في نفس العام، والذي افتتح في 20 أكتوبر، وأعيد تأكيد الفتوى والاجماع في عام 1976 في المؤتمر العالمي الأول للاقتصاد الإسلامي في جدة، تبعته مؤتمرات عديدة، خرج فيها النقاش عن حدود تحريم الربا إلى التطبيقات العملية والوسائل والمعاملات التي تتعامل بها البنوك الإسلامية، وصور العقود المختلفة، وغيرها من شؤون الإقتصاد الإسلامي المعاصر.
ثم تتابعت البنوك الإسلامية بدءاً ببيت التمويل الكويتي وبنك فيصل الإسلامي السوداني ثم بنك فيصل الإسلامي المصري في عام 1977 حتى جاوزت الخمسين بنكاً ومؤسسة في عام 1986.
وتجدر الإشارة هنا إلى جهود الدكتور أحمد النجار في حمل فكرة البنك الإسلامي من مصر إلى السودان ثم إلى المملكة العربية السعودية، وإلى فضل كل العلماء والفقهاء، الذين حملوا هذه الرسالة، ودافعوا عنها وأسسوا لها بالبحث والتشريع والتخطيط، وإلى فضل الذين شاركوا في المؤتمرات الإسلامية التى انبثقت في العواصم الإسلامية الواحدة تلو الأخرى، حتى تبنى الفكرة المغفور له الملك الصالح فيصل بن عبد العزيز آل سعود، رحمه الله تعالى، وطيَّب مثواه، فبذل لها الجهد والدعم، حتى أذن الله تعالى بخروج البنك الإسلامي للتنمية؛ ملتزماً بأحكام الشريعة، ثم كان للأمير محمد الفيصل دور كبير وفعال فى دعم مسيرة البنوك الإسلامية، وإنشاء الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية، وحتى تم – بجهوده النبيلة – عقد الاجتماع الأول للهيئة العليا للفتوى والرقابة الشرعية، للاتحاد الدولى للبنوك الإسلامية فى جدة فى 3 يناير 1989.
أهداف البنوك والمؤسسات الإسلامية:
نشأت البنوك والمؤسسات الإسلامية لتوفر الأقنية الإستثمارية الشرعية للمسلمين، بعيداً عن الربا الذي تتعامل به البنوك التقليدية، وجاء في الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية – الجزء السادس 1982 – الإتحاد الدولي للبنوك الإسلامية – الدكتور سيد الهواري – ما يلي:
جاء في مقاصد البنوك الإسلامية ص 143: ”لم تنشأ البنوك الإسلامية لملاكها ولأصحاب حملة الأسهم، فهي – أي البنوك الإسلامية – لا تتعامل بل لا يجوز – وفقاً للأحكام القطعية للشريعة الإسلامية – التعامل بالفائدة أخذا أو عطاء. وبالتالي … لا يجوز لها المتاجرة على الملكية بمعنى : تحقق فائض لحساب الملاك فقط على اعتبار أن الأموال المملوكة اختلطت مع الودائع الإستثمارية لتحقق فائضاً، فإذا توسعنا في المفهوم فإننا نقول: إنه يجب ألا يكون تحقيق هذا الفائض على حساب العملاء طالبي التمويل والمشاركات، فالأموال المملوكة عهدة لدى البنك الإسلامي لعمارة الأرض، ولذلك … فإن البنك الإسلامي لا يجوز أن يغفل عن أن جزءاً من أهدافه يدور حول طالبي التمويل بالمشاركة بمعنى أنه لا يضع حصة مشاركة مرتفعة، ولذلك … فإن مفهوم معدل الربح يصبح مرتبطاً ليس فقط بتعظيم رفاهية الملاك وأصحاب ودائع الإستثمار، بل وبطالبي التمويل والمشاركة أيضاً“.
وفي صفحة 151 : ”من أهداف البنك الإسلامي: الالتزام الشرعي : ابتكار أوعية جديدة لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية، أو تكييف المعاملات الحالية، وكذلك عدم الوقوع في مخالفات شرعية أو شبهات شرعية، وتصحيح الأخطاء فور وقوعها، وعمل الضمانات التي تمنع من حدوث ذلك مستقبلاً“.
وجاء في ص 153 تحت عنوان : ملحق نموذجي لبنك إسلامي من واقع الأهداف – ونورد الجزء الأول منه:
شـعـارنـا
”نحن نؤمن بأن مسئوليتنا الأولى والأساسية نحو الله سبحانه وتعالى. أن نلتزم الحلال، ونبتعد عن الحرام، ونتجنب الشبهات.
نبتكر أوعية وأشاكالاً جديدة للمعاملات الإسلامية، لا تتعارض مع الشريعة، نخاف الله في كل تصرفاتنا، ولا نأكل أموال الناس بالباطل …“.
عن دور أجهزة الرقابة الشرعية:
جاء في مقال تقويم مسيرة البنوك الإسلامية، دكتور جمال الدين عطية، مجلة البنوك الإسلامية العدد 65 ص 23 – 32 (كتاب الأمة للدكتور جمال الدين عطية) : ”يقتصر الإشراف الشرعي – حالياً – في معظم البنوك الإسلامية على الوظيفة الإفتائية، يسأل فيجيب دون القيام بأي دور إيجابي في تخطيط ومراقبة الجانب الشرعي … ويضيف الدكتور: ويبقى أن تؤدي العناصر الشرعية دورها في الرقابة بصورة كاملة وليس بصورة الإفتاء، إذا استفتيت أو فحص عينات. ولعل أنسب الصور التي طبقت بالفعل طريقة الرقابة الكاملة؛ هي بصورة بنك التضامن الإسلامي في السودان؛ حيث تفرعت إدارة الفتوى ضمن جهاز البنك، وقامت بالتغلغل في جميع مراحل كل عملية قبل بدئها، وحتى نهاية تنفيذها (يراجع كتاب الأمة 13، ص 68 – 74)“.
عن عقد المرابحة:
دور البنوك الإسلامية، من نص محاضرة للدكتور أحمد النجار – مجلة البنوك الإسلامية العدد 70 ص 31-37 : ”ومن أمثلة ذلك بيوع المرابحة، التي كادت بعض البنوك الإسلامية تقصر نشاطها عليها، والتي لا تمثل في تصوري – بالنسبة لفلسفة النظام الاقتصادي الإسلامي – سوى وسيلة محدودة وسيئة، بل وتافهة إذا ما قورنت بأسلوب المشاركة الذي يعتبر الجوهر الأساسي لفلسفة عمل ونظام البنوك الإسلامية؛ حيث أن مقاصد النظام الاقتصادي الإسلامي لا تتحقق بأسلوب المرابحة، بل قد تكون هذه الوسيلة من وسائل التمويل مدعاة وذريعة لممارسات خاطئة تسيء إلى الفكر الاقتصادي الإسلامي“.
أهمية البنوك والمؤسسات الإسلامية:
لا يوجد أدنى شك في أن البنوك والمؤسسات التجارية التي تلتزم بأحكام الشريعة الإسلامية هي القاعدة الوحيدة التي منها يخرج النظام الاقتصادي الإسلامي من حيز الدراسات والنظريات إلى حيز الوجود الفعلي، والطريق إلى هذا الهدف السامي مازالت في بدايتها، والهدف له من الأهمية ما تهون أمامه المصاعب، وتتضاءل أهمية الأخطاء. وليس لهذه الأمة من سبيل آخر غيره، ولهذا … فلا بد من التوقف كل حين – ولو لبرهة قصيرة – لنحاسب أنفسنا ونصحح المسيرة، وندعمها بكل ما نملكه من طاقة وعزم؛ حتى يلمس كل فرد في هذه الأمة منافع هذا النظام وخيراته.
ولا يحتاج هذا النظام إلى قوانين تحميه من منافسة النظم الاقتصادية الأخرى … فإنه قادر على ذلك وحده؛ لأنه أفضل منها وأقدر منها على توفير العدل بين الناس في تعاملهم، وأقدر منها على تدوير عجلة الإنتاج، وتوفير فرص العمل، وتحقيق الأرباح. ولا يحتاج هذا النظام سوى صدق التطبيق، ولهذا … كان على هذه المؤسسات والبنوك الإسلامية، أن تعمل واضعة ثقتها الكاملة في هذا النظام الاقتصادي الإسلامي وحده، ومن خلال اقتناعها بهذا النظام العملي … سوف تحقق الأرباح لمودعيها فيكون النجاح حليفها.
ولن يكون هناك نظام إسلامي دون بنوك ومؤسسات إسلامية، ولا يمكن أن نأمل في ظهور عظمة هذا النظام إلا عندما يتم تطبيقه فعلاً.
ولا يتم هذا إلا بالتوقف ودراسة كل تجربة على حدة؛ للتحليل ولاستنباط الوسائل، التي من خلالها يتم تصحيح الأخطاء التطبيقية التي قد تكون قد شابتها، يقول الدكتور أحمد النجار في مقاله في مجلة البنوك الإسلامية، العدد 69 – الصادر في نوفمبر 1989 :
”ولما كانت المؤسسات المالية الإسلامية قد بدأت الانتشار في الحقبة الأخيرة ففي تقديري أن أمامنا أحد طريقين:
الطريق الأول: هو أن ننظر بأمانة وموضوعية وتجرد إلى مؤسساتنا المالية الإسلامية القائمة، فنحلل أعمالها، وننفي عنها شوائبها، ونردها إلى الالتزام بأساسيات النموذج الاقتصادي الإسلامي المطلوب. وهذا الطريق في تقديري طويل، وطويل جداً، ونحن في سباق مع الزمن، فضلاً عن أن هذا العمل – في أغلب الظن – غير مقدور عليه عملياً وإجرائياً، وهو – في نفس الوقت – يحتاج إلى صبر طويل، لا تتحمله ظروف العصر ومتغيراته. ومن ثم فإنني لا أميل إلى أن أتجه إلى هذا الطريق.
الطريق الثاني: وهو الذي يعمد رأساً إلى الإفادة؛ مما أصاب التجارب القائمة من خلل وقصور فيتلافاها، مقدماً النموذج الصحيح للمؤسسة المالية الإسلامية، التي تلتزم بأساسيات الفكر الاقتصادي الإسلامي، والمستوفية للشروط الموضوعية اللازمة لسلامة التطبيق، على أن يكون إنشاء عدد من هذه المؤسسات، بمثابة شبكة إنارة، تبث الضوء وتنشره، وتهدي من خلال ممارساتها المؤسسات القائمة فتغيرها أو تجبرها على التعديل والتصحيح“.
<< previous page | next page >> |