2/5 الرد على إدعاء أن القرآن بشري المصدر

الرد على شُبهة وإدعاء أن القرآن الكريم نُقل من الكتب السماوية التي سبقته وأنه بشري المصدر

2 / 5

الجزء الثاني

فإن قال مدعى آخر أن الرسول صلى الله عليه وسلم درس وتعلم كتب اليهود والنصارى والمجوس وعلوم اليونان والروم والأحناف وعلوم العرب البائدة قبل البعث، ثم خطط للدعوة الى الدين واتبع خطة محكمة يتم فيها إخراج مبادئ الدين وقصص الأنبياء والحضارات البائدة جزءًا جزءًا إضافة إلى التعامل مع المستجدات خلال ال23 سنة من سنوات الدعوة.

وهذا ما لم يقله أحد من مشركي مكة زمن التنزيل، إذ واضح من إدعائاتهم التي أوردها القرآن في الآيات التي سردناها، أن من يُملي عليه ومن يُعلمه كانا بعد البعث، وليس قبله، وانما أذكره هنا لسد هذه الشبهة.

أولاً، نقول من هو الذي تعلم منه الرسول قبل البعث،  لدينا أكثر من شخص قد توجه إليهم اصابع الشك، أولهم الراهب بحيرا أو بحيرى والذي قالوا أنه نسطوري المذهب، والناسطرة يعتقدون  أن المسيح مكون من جوهرين وهما جوهر إلهي وهو الكلمة، وجوهر إنساني وهو يسوع، وأنه حلت عليه كلمة الرب عند ولادته وفارقته عند الصليب. بينما يعتبر الإسلام أن المسيح كله بشري وأنه لم يصلب.  والراهب بحيرى قد يكون قابل الرسول مرة واحدة عندما كان عمر الرسول في رواية تسع سنوات وفي أخرى إثنى عشر سنة وفي ثالثة أربعة عشر سنة، وكانت المقابلة خلال إستراحة مسافر ربما لبضع ساعات أو بضع أيام على أكثر تقدير، أي منهما لا تكفي لتعليم الصبي دينا كاملا، خاصة أنهما لا يتكلمان نفس اللغة. ثم ينتظر هذا الصبي قرابة ثلاثين سنة أخرى قبل أن يبدأ دعوته للدين الجديد، ويتذكر قصص عشرات الأنبياء ويتذكر معتقداتهم، ثم يأت بدين يرفض تأليه سيدنا عيسى ويكّفر من يقول بهذا كالنساطرة وغيرهم من الأطياف النصرانية المؤلهة لعيسى، ويذكر في القرآن قصص تختلف في تفاصيلها عن تلك التي وردت في كتب العهد القديم والأناجيل، ويختلف أيضًا في مفهوم أبليس الشيطان، حيث أنه في المسيحية كان ملاكًا سقط وقاد تمردًا على الله تعالى عما يصفون، بينما في المفهوم الإسلامي كان الشيطان من الجن فعصا ربه فأمهله حتى يوم القيامة.  ناهيك عن آيات الخلق والكون التي سيأتي ذكرها فيما بعد، والتي ليس للنساطرة ولا غيرهم فضل فيها.

الثاني هو ورقة بن نوفل، وهو ابن عم السيدة خديجة زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يمكن الجزم هل كان ورقة مسيحيا نصرانيا أو من الأحناف، وقد توفي إما في أول أيام الدعوة أو بعد سنتين أو ثلاث سنوات بعد البعث على أكثر تقدير، أي أنه وإن قبلنا لغرض الدراسة فقط أنه علم الرسول وتدارس معه الدين المسيحي والفارسي المجوسي وعلوم اليونان وغيرهم، وتم التخطيط لظهور دين جديد قالوا أنه يشبه دين النصارى وهم فئة يهودية مسيحية أختلفت عن مسيحية بولس وأدّعوا أنها قالت بما يشبه قول الإسلام في المسيح، وهذا كذب لأن كل أتباع المسيح في القرن الميلادي السابع كانوا يقولون ببنوة وألوهية المسيح. الإختلاف الذي كان حتى القرن الرابع، بين الأروسيين واساقفة مجمع نيقية، كان في طبيعة ألوهية المسيح، هل المسيح إلها مساويا للرب أم كان هناك زمنا لم يكن المسيح موجودا فيه ثم أوجده الرب خلق به العالم أو المسيح هو من خلق العالم، أي كان هناك وقتًا لم يكن فيه موجودا مع الأب، وهؤلاء كانوا يلقبون بالأروسيين. وقال آخرون بل هم الأيبونيين، وهؤلاء فئة من اليهود الذين أتبعوا عيسى، وكانوا في القرن الأول والثاني ميلادي، وقالوا ببشرية سيدنا عيسى، إلا أنهم قالوا أنه ولد من السيدة مريم وزوجها يوسف النجار، ويرفضون معجزة ميلاد المسيح من مريم العذراء. ويطبقون الشرائع اليهودية بإلتزام وتشدد، ويرفضون الأضاحي والتضحية في المعبد، وطعامهم نباتي خالص لا يأكلون اللحم بتاتا، لقولهم أن المسيح وحنا المعمدان كانا نباتيين، ويرفضون القديس بولس لأنه لا يطبق ناموس موسى، ولم يقبلوا أي من ألأناجيل عدا أنجيل متى الذي قبلوه مع بعض التعديل. ويعيش الأيبونيون حياة زاهدة فقيرة (وهذا اسمهم إذ أن لفظ الأيبونيين يعني الفقراء باللغة العبرية) أي أنهم باعوا الدنيا بالآخرة، والمعروف أن كل مخطوطاطهم وكتبهم أتلفت ولم يعد لهم ذكر بعد القرن الرابع ميلادي وربما قبل ذلك، وكل ما وصلنا هو كتابات أعدائهم أتباع بولس الذين أنتصرت معتقداتهم فأزالوا كل الفئات النصرانية الأخرى ومحوا ذكرهم، ثم شاء الله أن تصلنا بعض مخطوطاتهم التي كانت ضمن مخطوطات البحر الميت المسماة بمخطوطات قمران والتي أكتشفت في أربعينات القرن الماضي، تحديدا في سنة 1947.

وقال آخرون بل هم الأريوسيين، والذين ذكرناهم، وهؤلاء يؤلهون المسيح وأختلفوا في مجمع نيقية في أنهم قالوا أن المسيح إله أقل من الله، بينما قال الآخرون أنه ليس أقل. وقالوا وقالوا، إذ تجد أحدهم يدعى تبعية الإسلام لبحيرا النسطوري، وآخر للإيبونيين، وثالث للأروسيين، وتخبطوا وهم يعلمون مدى إختلاف العقائد والمبادئ والأساسيات، ويعلمون أن القرآن الكريم يرفض كل هذه المعتقدات التي ضلت عن رسالة المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام.

وجاء آخرون ووجدوا أن أتباع المسيح يسمون النصارى في القرآن، فأدعى بعض هؤلاء أن الدين الأسلامي هو نفسه دين النصاري (اللفظ ربما مأخوذ من الناصرة مدينة السيد المسيح، أو من النصارى في قول المسيح للحواريين من أنصارى الى الله)، وأن ورقة بن نوفل والنصارى الذين كانوا في مكة، هم الذين أسسوا لهذه الدعوة النصرانية ضد المسيحية التي أسسها بولس وادعوا أنها كانت سائدة في زمن قديم في بلاد الروم والشام ومصر، والتي طردتهم فأختبئوا في مكة. دون بيان أي سند تاريخي أو علمي. والغريب أننا لم نجد ذكر لأحد من هؤلاء النصارى المزعومين في مكة في ذلك الوقت، ولا دخل أحد منهم دين الإسلام في أول دعوته، فإن كانوا هم من خططوا له، فلماذا لم يدخلوا فيه! وأدعوا أن الوحي أنقطع بوفاة ورقة بن نوفل، ولكننا نعلم أن الوحي أستمر بزخم أقوى بعد موت ورقة ابن نوفل لمدة أمتدت لأكثر من عشرين سنة حتى إكتمل القرآن الكريم.

لقد بنوا إدعائهم هذا لأن القرآن الكريم أشار الى أتباع عيسى ابن مريم على أنهم النصارى، وهؤلاء يسمون دينهم الدين المسيحي وأنهم مسيحيون وليسوا نصارى. وأن النصارى هم فئة يعتبرونهم هراطقة هربوا من البطش المسيحي الروماني الى الجزيرة العربية واستوطنوا عُمان واليمن، وأدعوا أن بعضهم سكنوا الحجاز في مكة لأن اليهود سبقوهم الى يثرب أي المدينة. وأنهم أي النصارى كان لهم كنيسة وأسقف في مكة. ووجود النصارى في مكة إدعاء لا يستند على أي دليل تاريخي ولم يقل به أحد من قبل، لا في المصادر الإسلامية ولا في غير الإسلامية، ولو كان لذكره المشركون في مكة في معرض دفاعهم عن آلهتهم اللات والعزى. ألم يذكروا الأعجمي. ألم يذكروا الذين يملون عليه بكرة وأصيلا، فلماذا لم يذكروا النصارى، بل لم يذكروا ورقة ابن نوفل وهو منهم، نعرف أنهم سألوا يهود يثرب ونعرف عن وفد نصارى نجران، أما نصارى مكة فلا ذكر لهم، لأنه لا وجود لهم.

ويجدر الذكر أن وفد نصارى نجران اختلفوا مع الرسول في طبيعة السيد المسيح، ونزلت آية المباهلة، أي أن نصارى نجران لم يكونوا يعتقدون بما يشبه ما جاء به الإسلام فيما يخص السيد المسيح، وفق ما بنى هؤلاء المدعون إتهامهم أن الأسلام دعوة نصرانية، وأن معتقدات النصارى مثل معتقدات الإسلام، فهذا محض كذب وأفتراء يفتروه دون سند، بل وتبين الأسانيد الكثيرة فساده.

ولو عدنا للمصادر التاريخية ومنها المصادر المسيحية واليهودية، لنرى من هم الذين أتبعوا السيد المسيح، نجد أنهم حتى عشرات السنين بعد صعود السيد المسيح الى السماء في 30 أو 33 ميلادي، كان جميع أتباع عيسى ابن مريم يعرفون بأسم النصارى، وكانوا يؤمنون بشريعة موسى ويلتزمون بها، وقد كانت الدعوة النصرانية في الأول موجهة إلى اليهود، وكانت كنيسة أورشليم تحت رئاسة يعقوب الذي هو عند البعض الأخ الأصغر للمسيح، ولما لم يؤمن من اليهود إلا قليل، قرر الرسل الدعوة والتبشير في الأميين أي الوثنيين، في بلاد الشام واليونان والروم، فخرج الرسل ومنهم بولس وبطرس وبرنابا وابن أخته مرقص يبشرون ويدعون الناس للدين الجديد. إلا أن شرط الإلتزام بشريعة موسى جابه رفضا من الوثنيين لأنه يحرم عليهم كثير من طعامهم كالخنزير ويفرض عليهم شعيرة الختان ويُحرم الربا، فرأى بولس عدم إلزامهم بشريعة موسى والإكتفاء بتعليمات المسيح. وحقق بولس بعض النجاح مع اليونان والرومان. إلا أن الرسل والأباء في أورشليم لم يستحسنوا هذا التوجه ولزم الأمر أن يعود بولس الى أورشليم لمحادثة الرسل والشيوخ واجتمعوا عند يعقوب رئيس منيسة أورشليم، وتكلم بطرس ثم تكلم بولس وبرنابا عن النجاح الذي يتحقق بإيمان الأمم دون شرط الختان وشريعة موسى، فقال يعقوب : “لذلك أنا أرى أن لا يُثقل على الراجعين إلى الله من الأمم. بل يرسل إليهم أن يمتنعوا عن نجاسات الأصنام والزنا والمخنوق والدم. لان موسى منذ اجيال قديمة، له في كل مدينة من يكرز به، اذ يُقرأ في المجامع كل سبت”. ويعقوب كان يقصد التدرج مع هؤلاء الوثنيين الى حين أن يقوى إيمانهم، عند ذلك تطبق شريعة موسى عليهم، إلا أن بولس لم يتقيد بهذا الإتفاق وألغى شريعة موسى فبدأ اليهود المؤمنون بالمسيح معارضة بولس. إلا أن فكر بولس هو الذي طغى وهذا ما تشكلت عليه النصرانية التي أنشغلت في القرون التي تلت الخروج من أورشليم سنة 66 م حتى مجمع نيقية سنة 325 م، بإشكالية تحديد طبيعة المسيح من حيث ألوهيته أم بنوته أم بشريته، والتي أنتهت الى عقيدة التثليث التي لم تكن معروفة حتى نهاية القرن الميلادي الثاني، عندما أبتدع أسم التثليث رجل أسمه ترتولين Tertullian born 165 converted 197 EC  يعيش في قرطاجة في نهاية القرن الميلادي الثاني. ومن الواضح من عدد المجامع الماسكونية التي عقدت بعد مجمع نيقية أن موضوع طبيعة المسيح كان مختلفٌ عليها وربما لقرون كثيرة لاحقة.

ولو عدنا لتاريخ الذين أتبعوا السيد المسيح، نجد أنهم حتى بعد عشرات السنين بعد صعوده الى السماء، كانوا جميعًا يسمون النصارى، وكانوا يؤمنون بشريعة وناموس موسى ويلتزمون بها، ولا نجد لفظ مسيحي أو مسيحيين أو دين المسيحية في أي من الأناجيل الأربعة، ولم يُذكر لفظ مسيحيين عن السيد المسيح أو على لسان أي من الحواريين. وأول مرة جاء ذكر كلمة المسيحية كان في أنطاكية ربما سنة 50 ميلادية، أي بعد عشرون سنة من صعود السيد المسيح، نقول جاء ذكر لفظ المسيحية أول مرة في أعمال الرسل 11 تحت عنوان  كنيسة أنطاكية   25 (وَتَوَجَّهَ بَرْنَابَا إِلَى طَرْسُوسَ يَبْحَثُ عَنْ شَاوُلَ  26 . وَلَمَّا وَجَدَهُ جَاءَ بِهِ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ، فَكَانَا يَجْتَمِعَانِ مَعَ الْكَنِيسَةِ هُنَاكَ سَنَةً كَامِلَةً، وَيُعَلِّمَانِ جَمْعاً كَبِيراً. وَفِي أَنْطَاكِيَةَ أُطْلِقَ عَلَى تَلاَمِيذِ الرَّبِّ أَوَّلَ مَرَّةٍ اسْمُ الْمَسِيحِيِّينَ.) أنتهى، وكان هذا قرابة عشرين سنة بعد صعود المسيح، أي أن أسمهم لم يكن مسيحيين قبل أنطاكية، ولعهد طويل بعدها. ويبدو أن هذا الأسم كان يطلق على غير اليهود من الأميين الذين آمنوا بالمسيح ولم يلتزموا بشريعة موسى.

وتكرر ذكر الأسم مسيحيا و مسيحي مرتين في سفر أعمال الرسل 26: 28 وفي رِسَالَةُ بُطْرُسَ ٱلرَّسُولِ ٱلْأُولَى 4:16   

أما لفظ نصارى، فقد جاء ذكره ليعبر عن كل أتباع عيسى عليه السلام، ففي محاكمة بولس أمام فيليكس الروماني، في أعمال الرسل 24: 5 سُمي كل أتباع عيسى “نصارى”، إذ جاء فيه  “وجَدنا هذا الرّجُلَ مُفسِدًا يُثيرُ الفِتنَ بَينَ اليَهودِ في العالَمِ كُلّهِ، وزَعيمًا على شيعةِ النّصارى” أي أن بولس كان رئيس شيعة أو فرقة النصارى في العالم كله.

ومنه نجد أن أتباع عيسى كانوا يعرفون بالنصارى حتى أضطروا للخروج من أورشليم الى بيلا في شرق الأردن سنة 65 أو 70 ميلادية بعد أن دُمرت أورشليم واُضطهد شعبها في زمن الحاكم الروماني تيطس ، وبعد أن إستفحل الخلاف بين الرسل والشيوخ مع بولس بخصوص شريعة موسى.

ولهذا فلا غرابة أن يدعو القرآن أتباع المسيح بأسمهم الأول وهو النصارى، فهؤلاء هم الأصل الذي خرج منه كل الفرق والشيع الأخرى.

وإذا نظرنا في الإدعاء أن الإسلام دعوة نصرانية، وأكرر هذا لأن بعضهم كتب كتبا بهذا الإدعاء، وبالأضافة الى ما ذكرته عن وفد نصارى نجران، والذين أختلفوا مع الرسول. فلو كان ما يدعيه هؤلاء صحيحًا، ألن نتوقع من هذه الدعوة أن تشير إلى أصلها النصراني، وإلا فما الفائدة التي تعود على من أطلقها على أنها دعوة نصرانية وهي لا تدعو لذلك ولا تقول ذلك، بل ما نجده، هو أبعد ما يكون عن ذلك، إذ لو نظرنا في السور والآيات القرآنية التي نزلت في أول الدعوة لا نجد فيها أي من هذا الفكر النصراني، بل نجد أن الدعوة الجديدة موجهة الى  المشركين، وتتالت السور تُذكر أقوام عاد وثمود ومدين وفرعون، وقصص أنبياء كثيرين هم آدم وإدريس ونوح وهود وصالح وابراهيم ولوط واسحاق واسماعيل ويعقوب ويوسف وأيوب وشعيب وموسى وهارون ويوشع بن نون وذو الكفل وداوود وسليمان وإلياس وأيوب ويونس واليسع حتى نزل خٌمس القرآن كله ولم يأتِ بعد ذكر زكريا أو يحي المعمدان أو السيدة مريم أو عيسى عليهما السلام، ثم نزلت سورة مريم ربما في السنة الخامسة بعد البعث. فلماذا لو كان هذا هو دين النصارى أو دعوة نصرانية، يتأخر ذكر سيدنا عيسى وذكر أمه مريم العذراء، ليس أي قصة وأنما الأسم فقط، ذكر القرآن أسماء معظم الأنبياء ولم يذكر في خمس سنوات من نزول القرآن أسم السيد المسيح عيسى ابن مريم، أما لفظ النصارى –الذي بنوا عليه إفترائهم وأفتراضاتهم- فلم يأت ذكر لفظ النصارى في القرآن إلا بعد الهجرة.

 أي بعد أكثر من 13 سنة من بدء الدعوة وبعد أن نزل أكثر من نصف القرآن ولم تُذكر فيه كلمة النصارى مرة واحدة، فإن كان هؤلاء أي النصارى هم من خططوا ونفذوا وألفوا وزوروا الدين والقرآن وفق هذا الإدعاء الواهي. فكيف؟ 

أدعوا أنهم أي النصارى، فرقة هربت من بطش السلطة المسيحية المدعومة من الأمبراطورية الرومانية، فلو كانوا فعلاً مؤمنين بالله تعالى، أكانوا سيكذبون على الله والناس بإختلاقهم هذا الدين الذي يعلمون أنه ليس من عند الله، وهم وفق رواية المدعون، هربوا الى الصحراء لأنهم لم يرضوا أن يبدلوا دينهم وأن يقولوا زورًا على الله والمسيح، فهل مثل هؤلاء من يزوّر دينًا كاملا ويدعي أنه من عند الله؟ هراء وتخريف لا يصمد أمام أي منطق سليم.  

ثم أليس النصارى هم من قال القرآن عنهم:  {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (14)} سورة المائدة، فلماذا يُعنفهم ويُخطئهم  كتاب الدين النصراني الذي هم الذين أخترعوه وفق إدعائهم!!  

بل ويدعو الدين الجديد المسلمين أن لا يصادقوا النصارى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51)}

بهذا يكون القرآن نفسه قد رد على هذا الإدعاء الكاذب. كتب ألفت ودراسات نشرت، كلها بنيت على تخيلات مؤلفيها وإفتراضات خاطئة مضللة، لا تجد فيها أي سند تاريخي أو مرجع علمي للإفتراضات التي يتخيلوها ثم يبنون عليها نتائجهم.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*